وقال الربيع: السائل هنا أبو جهلٍ وهو القائل ذلك.
وقيل: إنه قول جماعة من كفار قريش، وقيل: هو نوح - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - سأل العذاب على الكافرين.
وقيل: هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دعا عليهم بالعقاب، وطلب أن يوقعه بالكفار، وهو واقع بهم لا محالة، وامتد الكلام إلى قوله تعالى ﴿فاصبر صَبْراً جَمِيلاً﴾ [المعارج: ٥]، أي: لا تستعجل فإنه قريب، وهذا يدل على أن ذلك السائل هو الذي أمره الله بالصبر الجميلِ.
وقال قتادة: الباءُ بمعنى «عَنْ»، فكأن سائلاً سأل عن العذاب بمن وقع، أو متى يقع، قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾، أي: فاسأل عنه، وقال علقمةُ: [الطويل]
٤٨٥٨ - فإن تَسْألُونِي بالنِّسَاءِ................................
أي: عن النِّساء، فالمعنى: سلوني بمن وقع العذاب، ولمن يكون، فقال الله تعالى: ﴿لِّلْكَافِرِينَ﴾ وقال أبو عليّ وغيره: وإذا كان من السؤال، فأصله أن يتعدَّى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما وإذا اقتصر على أحدهما، جاز أن يتعدى إليه بحرف الجر، فيكون التقدير: سأل سائل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أو المسلمين بعذاب أو عن عذاب.
قوله: ﴿لِّلْكَافِرِينَ﴾. فيه أوجه:
أحدها: أن يتعلق ب «سأل» مضمناً معنى «دعا» كما تقدم، أي: دعا لهم بعذاب واقع.
الثاني: أن يتعلق ب «واقع» واللام للعلة، أي نازل لأجلهم.
الثالث: أن يتعلق بمحذوف، صفة ثانية ل «عذاب» أي كائن للكافرين.
الرابع: أن يكون جواباً للسائل، فيكون خبر مبتدأ مضمر، أي: هو للكافرين.
الخامس: أن تكون «اللام» بمعنى «على»، أي: واقع على الكافرين.
ويؤيده قراءة أبيّ: «على الكافرين»، وعلى هذا فهي متعلقة ب «واقع» لا على الوجه الذي تقدم قبله.
قال الزمخشريُّ: فإن قلت: بِمَ يتصل قوله: «للكافرين» ؟.
قلت: هو على القول الأول متصل ب «عذاب» صفة له أي بعذاب واقع كائن