الأنعام: ٦٢]، وإنما خاطبهم على قدر فهم الخلائقِ، وإلا فلا يشغله شأن عن شأن، وكما يرزقهم في ساعة يحاسبهم في لحظة، قال تعالى: ﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨].
والمعنى: لو ولي محاسبة العباد في ذلك اليوم غير الله، لم يفرغ منه في خمسين ألف سنة.
قال البغوي: هذا معنى قول عطاء عن ابن عباس ومقاتل.
قال عطاء: ويفرغ الله منه في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا.
واعلم أنَّ هذا الطول، إنَّما يكون في حق الكافرِ، وأما في حق المؤمن فلا، لما روى أبو سعيد الخدري أنه قال: «قِيْلَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ما أطولَ هذا اليوم؟ فقال:» والذي نَفْسي بِيَدهِ إنَّهُ ليَخِفُّ على المؤمنِ حتَّى إنَّهُ يكُونُ أخفَّ من صلاةٍ مكتوبةٍ يُصلِّيهَا في الدُّنْيَا «».
وقال بعضهم: إنَّ ذلك، وإن طال، فيكون سبباً لمزيد السرورِ والراحة لأهل الجنة، ويكون سبباً لمزيد الحزنِ والغمِّ لأهل النار.
وأجيب: بأنَّ الآخرة دارُ جزاءٍ، فلا بد وأن يحصل للمثابين ثوابهم، ودارُ الثوابِ هي الجنةُ لا الموقف، فإذاً لا بد من تخصيص طول الموقف بالكفار.
وقيل: هذه المدة على سبيل التقدير لا على التحقيق، أي: تعرج الملائكةُ في ساعة قليلة، هذه المدة على سبيل التقدير على على التحقيق، أي: تعرج الملائكُة ساعة قليلة، لو أراد أهل الدنيا العروج إليها كان مقدار مدَّتهم خمسين ألف سنةٍ.
وعن مجاهد والحسن وعكرمة: هي مدة إقامة عمر الدنيا من أول ما خلقت إلى آخر ما بقي خمسون ألف سنةٍ، وهو قول أبي مسلمٍ.
فإن قيل: كيف الجمعُ بين هذه، وبين قوله في سورة «السَّجدة» :﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [السجدة: ٥] وقد قال ابن عباس: هي أيام سمَّاها الله تعالى هو أعلم بها، وأنا أكره أن أقول فيها ما لا أعلم؟.


الصفحة التالية
Icon