القرآن قالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يهدي إِلَى الرشد فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً﴾ فأنزل الله على نبيه المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استمع نَفَرٌ مِّنَ الجن﴾ الآية.
قال القرطبيُّ: وفي هذا الحديث دليلٌ على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يرَ الجنَّ ولكن حضروه وسمعوا قرآنه.
فإن قيل: الذين رموا بالشُّهب هم الشياطينُ والذين سمعوا القرآن هم الجنُّ، فما وجه الجمع؟ فالجواب من وجهين:
الأول: أنَّ الجن كانوا مع الشياطين، فلما رمي الشياطين أخذوا الجنَّ الذين كانوا منهم في تجسس الخبرِ.
الثاني: أن الذين رموا بالشهبِ كانوا من الجن، إلا أنهم قيل لهم: شياطين كما قيل: شياطين الإنس والجنِّ، فإنَّ الشيطان كل متمرد، وبعيد من طاعة الله تعالى.
قال ابن الخطيب رَحِمَهُ اللَّهُ: واختلف في أولئك الجنِّ الذين سمعوا القرآن من هم؟.
فروى عاصم عن ذر قال: قدم رهطُ زوبعة وأصحابه على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم انصرفوا، فذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الجن يَسْتَمِعُونَ القرآن﴾.
وقيل: كانوا من الشيصبان وهم أكثر الجن عدداً وعامة جنود إبليس منهم.
وقيل: كانوا سبعة، ثلاثة من أرض «حرَّان» وأربعة من أرض «نَصِيبينَ»، : قريِةٌ من قرى اليمن غير التي بالعراق رواه أيضاً عنهم عاصم عن ذر.
وقيل: إنَّ الجنَّ الذين أتوه بمكةَ جنُّ نصيبين، والذين أتوه بنخلة جنُّ نينَوى.
وقال عكرمةُ: كانوا اثني عشر ألفاً من جزيرة الموصل.
ومذهب ابن مسعود أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمر بالمسير إليهم ليقرأ القرآن عليهم ويدعوهم إلى الإسلام، روى ابن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «أمِرْتُ أن أتْلُوَ القُرآنَ على الجِنِّ فمَنْ