وفي الحديث: «أنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:» إنَّ لهذه البيوتِ عوامر فإذا رأيتمْ منها شَيْئاً فحَرِّجُوا عليْها ثلاثاً، فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر «
وقال:» اذهبوا فادفنوا صاحبكم «».
وذهب قوم إلى أن ذلك مخصوص بالمدينة كقوله في الصحيح: «إنِّ بالمدينة جنّاً قد أسْلمُوا»، وهذه لفظ مختص بها فتختص بحكمها.
قال القرطبي: قلنا: هذا يدل على أنَّ غيرها من البيوت مثلها؛ لأنه لم يعلل بحرمة «المدينة» ؛ فيكونُ ذلك الحكمُ مخصوصاً بها وإنَّما علل بالإسلام وذلك عام في غيرها، ألا ترى قوله في الحديث مخبراً عن الجنِّ الذين لقي وكانوا من جنِّ الجزيرة وعضد هذا قوله: «ونَهَى عَن عوامِر البيوتِ» وهذا عام وقد مضى في سورة البقرة.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً﴾، أي: قالوا لقومهم حين رجعوا إليهم كقوله تعالى ﴿فَلَمَّا قضى زَيْدٌ﴾ [الأحزاب: ٣٧]، ﴿فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل﴾ [القصص: ٢٩] ﴿فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٢٩]، ووصف القرآن ب «عَجَباً» إما على المبالغة، أي: خارجاً عن حد أشكاله إما في فصاحة كلامه، وإما في بلاغة مواعظه، أو عجباً من عظم بركته، أو عزيزاً لا يوجد مثله وإما على حذف مضاف أي ذا عجب، وإمَّا بمعنى اسم الفاعل، أي: معجب. قوله «يَهْدِي» صفة أخرى، أي: هادياً.
﴿إِلَى الرشد﴾. قرأ العامةُ: «الرشد» بضمة وسكون، وابن عمر: بضمها وعنه أيضاً: فتحهما. وتقدم هذا في الأعراف. والمعنى: يهدي إلى الصواب.
وقيل: إلى التوحيد.
قوله تعالى: ﴿فَآمَنَّا بِهِ﴾، أي: بالقرآن، أي: فاهتدينا به، وصدقنا أنه من عند الله، ﴿وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً﴾، أي: لا نرجع إلى إبليس، ولا نطيعه، ولا نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك، وهذا يدل على أنَّ أولئك الجنِّ كانوا مشركين.
قوله: ﴿وَأَنَّهُ تعالى﴾. قرأ الأخوان وابن عامر وحفص: بفتح «أنَّ»، وما عطف عليها بالواو في اثنتي عشرة كلمة، والباقون: بالكسر.
وقرأ أبو بكر وابن عامرٍ: «وإنَّهُ لمَّا قَامَ عبد الله يدعوه» بالكسر، والباقون: بالفتح.