وقال لبيد في أخيه: [المنسرح]
٤٩٠٧ - لَمْ تَبْلُغِ العَيْنُ كُلَّ نَهْمتهَا | لَيْلةَ تُمْسِي الجِيادُ كالقِددِ |
فصل في معنى الآية
قال سعيد بن المسيِّب: معنى الآية «كنا مسلمين، ويهود ونصارى ومجوساً».
وقال السدي: في الجن مثلكم قدرية، ومرجئة وخوارج، ورافضة، وشيعة، وسنية.
وقال قوم: إنا بعد استماع القرآنِ مختلفون منا المؤمنون، ومنا الكافرون.
وقيل: أي: ومنا الصالحون ومنا المؤمنون لم يتناهوا في الصلاح.
قال القرطبيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «والأول أحسن، لأنه كان في الجن من آمن بموسى، وعيسى، وقد أخبر الله عنهم أنهم قالوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ موسى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [الأحقاف: ٣٠]، وهذا يدل على إيمان قوم منهم في دعاء من دعاهم إلى الإيمان، وأيضاً لا فائدة في قولهم: نحن الآن منقسمون إلى مؤمن وإلى كافر، والطرائق: جمع طريقة، وهي مذهب الرجل، أي: كنا فرقاً، ويقال: القوم طرائق أي: على مذاهب شتَّى، والقددُ: نحو من الطرائق وهو توكيد لها واحده: قدَّة، يقال: لكل طريقةٍ قِدَّةٌ».
قوله: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ الله فِي الأرض وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً﴾.
والظنُّ هنا بمعنى العلم، واليقين، وهو خلاف الظن في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ الإنس والجن عَلَى الله كَذِباً﴾، «وأنَّهُم ظنُّوا»، أي: علماً بالاستدلال والتفكر في آيات الله تعالى، أنا في قبضته، وسلطانه لن نفوته بهرب، ولا غيره.
وقوله: «فِي الأرضِ»، حال، وكذلك «هَرباً» مصدر في موضع الحالِ، تقديره: لن نعجزه كائنين في الأرض أينما كنا فيها، ولن نعجزه هاربين منها إلى السماء.
قوله: ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهدى﴾، يعني القرآن «آمنَّا بِهِ»، وباللَّه، وصدقنا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على رسالته، وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مبعوثاً إلى الإنس والجنِّ.