وقال الضحاكُ: تزمل لمنامه.
وقيل: بلغه من المشركين سوء قول فيه، فاشتد عليه فتزمل، وتدثر، فنزل: ﴿يا أيها المزمل﴾ ﴿يا أيها المدثر﴾.
وقيل: كان هذا في ابتداء أمر ما أوحي إليه فإنه لما سمع صوت الملك، ونظر إليه أخذته الرعدة، فأتى أهله، وقال: زمِّلوني، دثِّرُونِي.
روي معناه عن ابن عباس، قال: أول ما جاءه جبريل خافه، وظن أن به مساً من الجنِّ، فناداه، فرجل من الجبل مرتعداً وقال: زمِّلُوني، زمِّلُونِي.
وقال الكلبيُّ: إنما تزمل النبي بثيابه ليتهيأ للصلاة، وهو اختيار الفراءِ.
وقيل: إنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كان نائماً بالليل متزملاً في قطيفة فنودي بما يهجر تلك الحالة، فقيل له: ﴿يا أيها المزمل﴾ قم واشتغل بالعبودية.
وقيل: معناه يا من تحمل أمراً عظيماً، والزمل: الحمل.
قال البغويُّ: قال الحكماء: كان هذا الخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في أول الوحي قبل تبليغ الرسالة، ثم خوطب بعد بالنبي، والرسول.
فصل في نفي كون «المزمل» اسماً للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
قال السهيليُّ: ليس المزمل باسم من أسماء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما ذهب إليه بعض الناس، وعدوه في أسمائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإنما «المُزمِّلُ» اسم مشتق من حالته التي كان عليها حين الخطاب، وكذلك كان المُدثِّرُ.
وفي خطابه بهذا الاسم فائدتان: إحداهما: الملاطفة، فإن العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك المعاتبة، سموه باسم مشتق من حالته التي هو عليها «لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - حين غاضب فاطمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - فأتاه وهو نائم وقد لصق جنبه بالتراب، فقال له:» قُمْ أبَا تُرابٍ «، إشعاراً له بأنه غير عاتب عليه، وملاطفة له وإشعاراً بترك العتب، [وملاطفاً له وكذلك قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ لحذيفة: قم يا نومان ملاطفة له، وإشعاراً بترك العتب والتأنيب]- وكان نائماً - فقول الله تعالى لمحمد - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: ﴿يا أيها المزمل قُمِ﴾ فيه تأنيس له، وملاطفة ليستشعر أنه غير عاتب عليه.
والفائدة الثانية: التنبيه لكل متزمل راقد ليله ليتنبه إلى قيام الليل، وذكر الله تعالى فيه لأن الاسم المشتق من الفعل يشترك فيه مع المخاطب كل من عمل ذلك العمل، واتصف بتلك الصفة.