قوله:» وإنْ قَلَّ «وباقيه يدل على أن قوله تعالى ﴿يا أيها المزمل﴾ نزل بالمدينة، وأنهم مكثوا ثمانية أشهرٍ يقومون، وقد تقدم عنها في» صحيح مسلم «حولاً.
وحكى الماورديُّ عنها قولاً ثالثاً: وهو ستة عشر شهراً لم يذكر غيره عنها، وذكر عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أنه كان بين أول»
المُزمِّل «وآخرها سنة، قال: فأما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد كان فرضاً عليه، وقيل في نسخه عنه قولان:
أحدهما: أنه كان فرضاً عليه إلى أن مات.
والثاني: أنه نسخ عنه كما نسخ عن أمته، وفي مدة فرضه إلى أن نسخ قولان:
أحدهما: المدة المفروضة على أمته في القولين الماضيين، يريد قول ابن عباس حولاً، وقول عائشة ستة عشر شهراً.
الثاني:»
أنها عشر سنين إلى أن خفف عنه بالنسخ «.
قوله: ﴿وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً﴾، أي: لا تعجل في قراءة القرآنِ بل اقرأه على مهل وهينة، وبينه تبييناً مع تدبر المعاني.
قال المبرد: أصله من قولهم: «ثغر رتل ورتل»
بفتح العين وكسرها إذا كان حسن التنضيد، ورتلت الكلام ترتيلاً، إذا جملت فيه، ويقال: ثغر رتل إذا كان بين الثنايا افتراق قليل.
فقوله تعالى: ﴿تَرْتِيلاً﴾ تأكيد في إيجاب الأمر به، وأنه مما لا بد منه للقارىء.
روى الحسن: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مر برجل يقرأ آية ويبكي، فقال:» أَمْ تَسمعُوا إلى قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً﴾، هذا الترتيل «.
وروى»
أبو داود «عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» يُؤتَى بِقَارِىء القُرآنِ يَوْم القِيامةِ، فيُوقَفُ فِي أول دَرجِ الجنَّةِ، ويقال له: اقْرَأ وارْقَ ورتلْ كَمَا كُنْتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتك عِنْدَ آخِرِ آية تقرؤها «.


الصفحة التالية
Icon