وقال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: هي الليل كلهُ، لأنه ينشأ بعد النهار، وهو اختيار مالك.
قال ابن العربي:» وهو الذي يعطيه اللفظ ويقتضيه اللغة «.
وقالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وابن عباس - أيضاً - ومجاهد: إنما الناشئة القيام بالليل بعد النوم، ومن قال قبل النوم فما قام ناشئة.
وقال يمان وابن كيسان: هو القيام من آخر الليل.
وأما قوله: ﴿أَشَدُّ وَطْأً﴾، أي: أثقل على المصلي من ساعات النهار، لأن الليل وقت منام وراحة فإذا قام إلى صلاة الليل، فقد تحمل المشقة العظيمة، هذا على قراءة كسر الواو، وفتح الطاء، وأما على قراءة المد: فهو مصدر «واطَأتْ وِطاءً ومُواطَأةً»
، أي: وافقت على الأمر من الوفاق، تقول: فلان مواطىء اسمه اسمي، أي: موافقه، فالمعنى أشد موافقة بين القلب، والبصر، والسمع واللسان لانقطاع الأصوات، والحركات، قاله مجاهد وابن مليكة وغيرهما، قال تعالى: ﴿ليواطؤوا عدَّةَ ما حرم الله﴾ [التوبة: ٣٧]، أي: ليوافقوا، وقيل: أشدّ مهاداً للتصرف في التفكر والتدبر.
وقيل: أشد ثباتاً من النهار، فإن الليل يخلو فيه الإنسان بما يعمله فيكون ذلك أثبت للعمل، والوطء: الثبات، تقول: وطئتُ الأرض بقدمي.
وقوله: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ أي: القراءة بالليل أقوم منها بالنهار، أي: أشد استقامة واستمراراً على الصواب، لأن الأصوات هادئة، والدنيا ساكنة، فلا يضطرب على المصلي ما يقرأه.
وقال قتادة ومجاهد: أصوب للقراءة وأثبت للقول؛ لأنه زمان التفهم.
وقيل: أشد استقامة لفراغ البال بالليل.
وقيل: أعجل إجابة للدعاء، حكاه ابن شجرة.
وقال عكرمة: عبادة الليل أتم نشاطاً وأتم إخلاصاً، وأكثر بركة.
قوله: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النهار سَبْحَاً طَوِيلاً﴾.


الصفحة التالية
Icon