قوله: ﴿واصبر على مَا يَقُولُونَ﴾، أي: من الأذى، والسب، والاستهزاء، ولا تجزع من قولهم، ولا تمتنع من دعائهم، وفوض الأمر إليّ، فإني إذا كنت وكيلاً لك، أقوم بإصلاح أمرك أحسن من قيامك بأمور نفسك ﴿واهجرهم هَجْراً جَمِيلاً﴾، الهجر: ترك المخالطةِ، أي: لا تتعرض لهم، ولا تشتغل بمكافأتهم فإن ذلك ترك للدعاء إلى الله تعالى، وكان هذا قبل الأمر بالقتال، ثم أمر بعد ذلك بقتالهم.
قال قتادة وغيره، نسختها آية القتال.
وقال أبو الدرداء: إنا لنكشر في وجوه [أقوام] ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتلعنهم.
قال ابن الخطيب: وقيل وهو الأصح إنّها محكمة.
قوله: ﴿وَذَرْنِي والمكذبين﴾. يجوز نصب «المُكذِّبِيْنَ» على المعية، وهو الظاهر، ويجوز على النسق وهو أوفق للصناعة.
والمعنى: ارض بي لعقابهم، نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين.
وقال مقاتل: نزلت في المطعمين يوم بدر، وهم عشرة تقدم ذكرهم في الأنفال.
وقال يحيى بن سلام: إنهم بنو المغيرة.
وقال سعيد بن جبير: أخبرت أنهم اثنا عشرة رجلاً، «أولي النعمة» أي: أولي الغنى، والترفه واللذة في الدنيا ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً﴾ يعني إلى مدة آجالهم، قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها -: لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسيراً حتى وقعت وقعة بدر.
وقيل: «ومَهِّلهُمْ قَلِيلاً» مدة الدنيا.
قوله: «أوْلِي النَّعمَةِ»، نعت للمكذبين. و «النعمة» - بالفتح -: التنعم، وبالكسر، الإنعام، وبالضم: المسرَّةُ، يقال: نِعْمة ونُعْمة عين.