قال الحسن: بأي صلاة تتقون العذاب؟ بأي صوم تتقون العذاب؟ وفيه إضمار، أي: كيف تتقون عذاب يوم القيامة.
وقال قتادة: والله ما يتقى من كفر ذلك اليوم بشيء، و «يَوْماً» مفعول ب «تتقون» على هذه القراءة وليس بظرف، وإن قدر الكفر بمعنى الجحود كان اليوم مفعول «كفرتم»، وقال بعض المفسرين: وقف التمام على قوله «كَفرْتُمْ» والابتداء «يَوْماً» يذهب إلى أن «اليوم» مفعول «يَجْعَلُ» والفعل لله - عَزَّ وَجَلَّ - كأنه قال: يجعل الله الولدان شيباً في يوم.
قال ابن الأنباري: وهذا لا يصح؛ لأن اليوم هو الذي يفعل هذا من شدة هوله.
وقال المهدوي: والضمير في «يَجْعلُ» يجوز أن يكون لله - عَزَّ وَجَلَّ - ويجوز أن يكون لليوم، وإذا كان لليوم، صلح أن تكون صفة له، ولا يصلح ذلك إذا كان الضمير لله - عَزَّ وَجَلَّ - إلا مع تقدير حذف، كأنه قيل: يوماً يجعل الله الولدان فيه شيباً «.
وقال ابن الأنباري: ومنهم من نصب» اليوم «ب» كَفرْتُمْ «، وهذا قبيح؛ لأن اليوم إذا علق ب» كفرتم «احتاج إلى صفة، أي: كفرتم بيوم، فإن احتج محتج بأن الصفة قد تحذف، وينصب ما بعدها، احتججنا عليه بقراءة عبد الله: ﴿فَكيْفَ تتَّقُونَ يَوْماً﴾.
قال القرطبيُّ:» هذه القراءة ليست بمتواترة، وإنما جاءت على وجه التفسير، وإذا كان الكفر بمعنى الجحود ف «يوم» مفعول صريح من غير صفة، ولا حذفها، أي: فكيف تتقون الله، وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة، والجزاء «.
والعامة: على تنوين» يَوْماً «، وجعل الجملة بعده نعتاً له، والعائد محذوف، أي: جعل الولدان فيه. قاله أب البقاء، ولم يتعرض للفاعل في» يَجْعلُ «، وهو على هذا ضمير الباري تعالى، أي: يوماً يجعل الله فيه، وأحسن من هذا أن يجعل العائد مضمراً في» يَجْعَلُ «هو فاعله، وتكون نسبة الجعل إلى اليوم من باب المبالغة، أي: نفس اليوم يجعل الولدان شيباً.
وقرأ زيد بن علي: «يَوْمَ يَجْعَلُ» بإضافة الظرف للجملة، والفاعل على هذا هو ضمير الباري - تعالى - والجعل - هنا - بمعنى التصيير، ف «شيباً» مفعول ثان.