والثاني: أنها حال من» لا تُبْقِي «.
والثالث: من» لا تَذرُ «.
وجعل الزمخشري: نصبها على الاختصاص للتهويل.
وجعلها أبو حيان حالاً مؤكدة.
قال:» لأن النار التي لا تبقي ولا تذر، لا تكون إلاَّ مُغيرة للأبشار «.
و» لوَّاحةٌ «هنا مبالغة، وفيها معنيان:
أحدهما: من لاح يلوح، أي: ظهر، أي: أنها تظهر للبشر، [وهم الناس، وإليه ذهب الحسن وابن كيسان، فقال:» لوَّاحةٌ «أي: تلوح للبشر] من مسيرة خمسمائة عام، وقال الحسن: تلوح لهم جهنم حتى يرونها عياناً، ونظيره:
﴿وَبُرِّزَتِ الجحيم لِمَن يرى﴾ [النازعات: ٣٦].
والثاني: وإليه ذهب جمهور الناس، أنها من لوّحه أي: غيَّرهُ، وسوَّدهُ.
قال الشاعر: [الرجز]
٤٩٦٥ - تقُولُ:
ما لاحَكَ يا مُسَافِرُ | يَا بْنَةَ عَمِّي لاحَنِي الهَواجِرُ |
٤٩٦٦ - لُوِّحَ مِنْهُ بَعْدَ بُدْنٍ وسَنَقْ | تَلْويحكَ الضَّامرَ يُطْوى للسَّبَقْ |
٤٩٦٧ - وتَعْجَبُ هِنْدٌ إنْ رأتْنِي شَاحِباً | تقُولُ لشَيءٍ لوَّحتهُ السَّمائمُ |
قال أبو رزين: تلفح وجوههم لفحة تدعهم أشد سواداً من الليل، قال تعالى: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٤].
وطعن القائلون بالأول في هذا القول، فقالوا: لا يجوز أن يصفهم بتسويد الوجوهِ، مع قوله: ﴿لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ﴾.