وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: لما نزل قوله - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم، أسمعُ ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة جهنم: «تسعة عشر» وأنتم الدهماء - أي العدد العظيم - والشجعان، فيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم.
قال السدي: فقال أبو الأسود بن كلدة الجمحي: لا يهولنكم التسعة عشر، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة وبمنكبي الأيسر التسعة، ثم تمرون إلى الجنة، يقولها مستهزءاً.
وفي رواية: أن الحارث بن كلدة قال: أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فلما قال أبو الأسود ذلك، قال المسلمون: ويحكم، لا يقاس الملائكة بالحدادين، فجرى هذا مثلاً في كل شيئين لا تساوي بينهما، ومعناه: لا يقاس الملائكة بالسجّانين، والحداد: السجان.

فصل في تقدير عدد الملائكة


ذكر أرباب المعاني في تقدير هذا العدد وجوهاً:
منها ما قاله أرباب الحكمةِ: أنّ سبب فساد النفس الإنسانية في قوتها النظرية والعملية، هو القوى الحيوانية والطبيعية، فالقوى الحيوانية: فهي الخمسة الظاهرة، والخمسة الباطنة، والشَّهوة، والغضب فهذه اثنا عشر، وأما القوى الطبيعية: فهي الجاذبة، والماسكة، والهاضمة، والدافعة والعادية، والنافية، والمولدة، فالجموع تسعة عشر، فلما كانت هذه منشآت الآفات لا جرم كان عدد الزبانية هكذا.
ومنها: أن أبو جهنم سبعة، فستة منها للكفار وواحد للفسَّاق، ثم إنَّ الكفَّار يدخلون النار لأمور ثلاثة: ترك الاعتقاد، وترك الإقرار، وترك العمل، فيكون لكل باب من تلك الأبواب الستة ثلاثة، فالمجموع: ثمانية عشر.
وأما باب الفساق: فليس هناك إلا ترك العمل، فالمجموع: تسعة عشر مشغولة بغير العبادة، فلا جرم صار عدد الزبانية تسعة عشر.


الصفحة التالية
Icon