أحدها: أنَّ «رَهِينَةٌ» بمعنى «رَهْنٍ» ك «الشَّتِيمة» بمعنى «الشَّتْم».
قال الزمخشري: ليس كتأنيث «رهين» في قوله: ﴿كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ﴾ [الطور: ٢١] لتأنيث النفس، لأنه لو قصدت الصفة لقيل: رهين؛ لأن «فعيلاً» بمعنى «مفعول» يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنَّما هي اسم بمعنى «الرهن» كالشتيمة بمعنى «الشّتم» كأنه قيل: كل نفس بما كسبت رهن، ومنه بيت الحماسة: [الطويل]

٤٩٧٢ - أبَعْدَ الذي بالنَّعْفِ نَعْفِ كُويكِبٍ رَهِينَةِ رَمْسٍ ذي تُرابٍ وجَنْدلِ
كأنَّه قال: «رَهْنِ رَمْسٍ».
الثاني: أن الهاء للمبالغة.
الثالث: أنَّ التأنيث لأجل اللفظ.
واختار أبو حيان: أنها بمعنى «مفعول» وأنها كالنَّطيحة، وقال: ويدل على ذلك أنَّه لما كان خبراً عن المذكر كان بغير هاء، وقال تعالى: ﴿كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ فأنَّثَ حيث كان خبراً عن المذكر أتى بغير تاء، وحيث كان خبراً عن مؤنث أتى بالتاء كما في هذه الآية فأمَّا التي في البيت فأنَّثَ على معنى النَّفْسِ.

فصل في معنى رهينة


ومعنى «رهينة» أي: مُرتهَنَة بكسبها، مأخوذة بعملها، إمَّا خلَّصهَا وإمَّا أوبقها.
قوله: ﴿إِلاَّ أَصْحَابَ اليمين﴾. فيه وجهان:
أحدهما: أنَّه استثناء متصل إذا المراد بهم المسلمون الخالصون الصالحون، فإنَّهم فكُّوا رقاب أنفسهم بأعمالهم الحسنة كما يخلِّص الراهن رهنه بإيفاءِ الحق.
والثاني: أنَّه منقطع، إذا المراد به الأطفال والملائكة.
قال ابن عباس: المراد بهم الملائكة.
وقال عليُّ بن أبي طالب وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - هم أولاد المسلمين لم يكتسبوا فيُرْتهَنُوا.


الصفحة التالية
Icon