السؤال وفي الآية إشارة إلى هذا، لأنه سبحانه أقسم بالنفس اللوامة، ثم قال تعالى جل ذكره: ﴿أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ﴾، وهو تصريح بالفرق بين النفس والبدن.
الثاني: سلَّمنا أنَّ الإنسان هو هذا البدن، لكنه سبحانه عالم بالجزئيات، فيكونُ عالماً بالجزء الذي هو بدن زيدٍ، وبالجزء الذي هو بدن عمرو، وهو - تعالى - قادر على كلِّ الممكنات، فيلزم أن يكون قادراً على تركيبها ثانياً، فزال الإشكال وأما إنكار البعث بناءً على الشَّهوةِ فهو قوله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾.
ومعناه أن الإنسان الذي يميل طبعه للشَّهوات واللَّذات والفكرةُ في البعث تنغصها عليه فلا جرم ينكره.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ البصر﴾. قرأ نافع وأبان عن عاصم: بَرَق بفتح الراء.
والباقون: بالكسر.
فقيل: لغتان في التحيُّر والدهشة، ومعناه لمع بصره من شدَّة شخوصه، فتراه لا يطرف.
وقيل: بَرِق - بالكسر - تحيَّر فزعاً.
قال الزمخشري: «وأصله من بَرِق الرجل إذا نظر إلى البرقِ فدُهِش بصرهُ».
قال غيره: كما يقال: أسد وبقر، إذا رأى أسداً وبقراً كثيراً فتحيّر من ذلك.
قال ذو الرمة: [الطويل]
٤٩٨٦ - وكُنْتُ أرَى في وجْهِ ميَّةَ لمْحعةً | فأبْرَقُ مَغْشِياً عَليَّ مَكانِيَا |
٤٩٨٧ - فَنفْسَكَ فَانْعَ ولا تَنْعَنِي | ودَاوِ الكُلُومَ ولا تَبْرقِ |
و «بَرَق» بالفتح: من البريق، أي: لمع من شدَّة شُخُوصه.