وقال قتادة: «الفاقرة» : الشر، وقال السديُّ: الهلاك.
وقال ابن عباس وزيد: دخول النار، وأصلها الوسم على أنفس البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم. قاله الأصمعي.
يقال: فقرت أنف البعير: إذا حززته بحديدة، ثم جعلت على موضع الحزّ الجرير وعليه وتر مَلْويّ لتذلله وتروضه.
قوله تعالى: ﴿كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التراقي﴾ «كَلاَّ» ردْعَ وزَجْر، أي بعيد أن يؤمن الكافر بيوم القيامة، ثم استأنف فقال: ﴿إِذَا بَلَغَتِ التراقي﴾ أي: بلغت النفس والروح التراقي فأخبر بما لم يجر له ذكر لعلم المخاطب به كقوله تعالى: ﴿حتى تَوَارَتْ بالحجاب﴾ [ص: ٣٢] وقوله: ﴿فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم﴾ [الواقعة: ٨٣].
وقيل: «كَلاّ» معناه «حقّاً» إن المساق إلى الله تعالى إذا بلغت التراقي، أي إذا ارتفعت النفس إلى التراقي.
وكان ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما يقول: إذا بلغت نفس الكافر التراقي. و «التراقي» : مفعول «بلغت» والفاعل مضمر، أي: النفس وإن لم يجرِ لها ذكر، كقول حاتم: [الطويل]
٥٠٠٤ - أمَاوِيَّ ما يُغنِي الثَّراءُ عن الفَتَى | إذَا حَشْرجتْ يَوْماً وضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ |
وقيل: في البيت: إن الدال على النفس ذكر جملة ما اشتمل عليها وهو الفتى فكذلك هنا ذكر الإنسان دال على النفس، والعامل في «إذَا بَلغت» معنى قوله تعالى: ﴿إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق﴾ [القيامة: ٣٠]، أي: إذ بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى، ويكون قوله: ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] معطوف على «بلغت».
و «التراقي» : جمع «ترقوة»، أصلها: «تراقو» قلبت واوها ياء لانكسار ما قبلها.