وقيل: أن يترك في قبره أبداً كذلك لا يبعث، و «سدى» حال من فاعل «يترك» ومعناه: مهملاً، يقال: إبل سدى، أي: مهملة.
وقال الشاعر: [المتقارب]
٥٠١٦ - وأقْسِمُ باللَّهِ جَهْدَ اليَمِي | نِ ما خلقَ اللَّهُ شَيْئاً سُدَى |
قوله: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةٌ﴾. العامة: على الياء من تحت في «يك» رجوعاً إلى الإنسان.
والحسن: بتاء الخطاب، على الالتفات إليه توبيخاً له.
وقوله: ﴿مِّن مَّنِيٍّ يمنى﴾. قرأ حفص: «يُمْنَى» بالياء من تحت.
وفيه وجهان:
أحدهما: أن الضمير عائد على المني - أي يصب - فتكون الجملة في محل جر.
والثاني: أنه يعود للنطفة، لأن تأنيثها مجازيّ؛ ولأنها في معنى الماء. قاله أبو البقاء.
وهذا إنما يتمشى على قول ابن كيسان.
وأما النحاة فيجعلونه ضرورة؛ كقوله: [المتقارب]
٥٠١٧ -.................... ولا أرْضَ أبْقلَ إبْقَالهَا
وقرأ الباقون: «تُمْنَى» بالتاء من فوق على أن الضمير للنطفة، فعلى هذه القراءة وعلى الوجه المذكور قبلها تكون الجملة في محل نصب؛ لأنها صفة المنصوب.
فصل في معنى الآية
والمعنى من قطرة ما تمنى في الرحم، أي تراق فيه، ولذلك سميت «منى» لإراقة الدماء، والنُّطفة: الماء القليل، ويقال: نطف الماء، أي: قطر، أي ألم يك ماء قليلاً في صلب الرجل وترائب المرأة، فنبه تعالى بهذا على خسة قدره. ثم قال تعالى: ﴿فَخَلَقَ فسوى﴾ أي: فسواه تسوية، وعدله تعديلاً بجعل الروح فيه.
وقيل: فخلق فقد فسوى فعدل.