فصل في الكلام على الآية


قال ابن الخطيب: في الآية مباحث.
الأول: اتخاذ العدو أولياء، كيف يمكن، والعداوة منافية للمحبة؟.
والجواب: لا يبعد أن تكون العداوة بالنسبة إلى أمر آخر، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: ٢٨].
وقال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «أوْلادُنَا أكْبَادُنَا»
الثاني: لم قال: ﴿عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ﴾ ولم يقل بالعكس؟.
والجواب: أنَّ العداوة بين المؤمن والكافر بسبب محبّة الله ومحبَّة رسوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - فتكون محبة العبد من أصل الإيمان بحضرة الله تعالى لعلةٍ، ومحبة حضرة الله - تعالى - للعبد لا لعلة، والذي لا لعلة مقدم على الذي لعلة؛ ولأن الشيء إذا كانت له نسبة إلى الطرفين، فالطرف الأعلى مقدم على الأدنى.
الثالث: قال: «أولياء»، ولم يقل: ولي العدو أو العدو معرفاً؟.
فالجواب: أن المعرف بحرف التعريف يتناول كل فرد، فكذلك المعرف بالإضافة.

فصل


قال القرطبي: قوله: ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بالمودة﴾ يعني بالظَّاهر، لأن قلب حاطب كان سليماً بدليل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال لهم: «أمَّا صَاحبُكمْ فقدْ صَدَقَ»، وهذا نصٌّ في سلامة فؤاده، وخلوص اعتقاده.

فصل فيمن تطلع على عورات المسلمين


قال القرطبي: من كثر تطلّعه على عورات المسلمين، وينبه عليهم، ويعرف عدوهم بأخبارهم لم يكن بذلك كافراً إذا كان فعله ذلك لغرض دنيوي، واعتقاده على ذلك سليم، كما فعل حاطب حين قصد بذلك اتخاذ اليد، ولم ينو الردة عن الدين.
وإذا قيل: بأنه لا يكون كافراً بذلك فهل يقتل حدًّا أم لا؟ فقال مالك وابن القاسم وأشهب: يجتهد الحاكم الإمام في ذلك.


الصفحة التالية
Icon