وقال جاءت جموع على غير ما يستعمل واحدهان وقياسه النَّصَارنيون. وسموا بذلك نسبة إلى قرية يقال لها: «نَاصِرة» كان ينزلها عيسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، قاله ابن عباس، وقَتَادة، وابن جُرَيْج. فنسب عيسى إليها، فقيل: عيسى الناصري، فلما نسب أصحابه إليه قيل: النَّصَارَى.
قال الجوهري: و «نَصْران» قررية ب «الشَّام» ينسب إليها النصارَى. أو لأنهم كانوا يتناصرون؛ قال الشاعر: [الرجز]

كُنْتُ لَهُمْ من النَّصَارَى جَارَا... وقيل: لأن عيسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ قال للحواريين: ﴿مَنْ أنصاري إِلَى الله﴾ [آل عمران: ٥٢].
٥٥٤ - لَمَّا رَأَيْتُ نَبَاطاً أَنْصَارَا شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتي الإِزَارَا
و «الصَّابئين» الجمهور على همزة، وقرأه نافع وشيبة والزهري بياء ساكنة غير مهموزة، وعن أبي جعفر بياءين خَالِصَتَيْنِ بدل الهمزة، فمن همزه جعله من صَبَأَ نابُ البعير أي: خرج، وصبأت النجوم: طلعت.
وقال أبو علي: صَبَأَتُ على القوم إذا طَرَأْتُ عليهم. فالصَّابىء: التَّارك لدينه، كالصَّابىء الطارىء على القوم، فإنه تارك لأرضهن ومنتقل عنها.
ومن لم يهمز فإنه يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون مأخوذا من المهموز فَأَبْدَلَ من الهمزة حرف علّة إما ياء أو واواً، فصار من باب المنقوص مثل: «قاض أو غازٍ»، والأصل: صاب، ثم جمع كما يجمع القاضي أو الغازي، إلا أن سيبويه لا يرى قلب هذه الهمزة إلاَّ في الشعر، والأخفش وأبو زيد يريان ذلك مطلقاً.
الثَّاني: أنه من باب «صَبَا.. يَصْبُو» إذا مال، ولذلك كانت العرب يسمون النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صابئاً؛ لأنه أظهر ديناً خلاف أديانهم، فالصَّابي كالغازي أصله: «صَابِوُا» فأعلّ كإعلال


الصفحة التالية
Icon