وقرأ ابن كثير: «القُدْس» بإسكان الدال، والباقون بضمها، وهما لغتان: الضم ل «الحجاز» والإسكان ل «تميم»، وقد تقدم ذلك، وقرأ أبو حيوة: «القُدُّوس» بواو، فيه لغة فتح القاف والدال معناه: الطَّهارة أو البركة كما [تقدم عند قوله: ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة: ٣٠]] و «الروح» في الأصل: اسم للجزء الذي تحصل به الحياة في الحيوان، قاله الرَّاغب.

فصل في المارد ب، «روح القدس»


اختلفوا في «روح القُدُس» هنا على وجوه:
أحدها: أنه جبريل عليه السلام؛ لقول حسّان: [الوافر]
٦٥٠ - وجبْرِيلٌ رَسولُ اللهِ فِينَا ورُوحُ القُدْسِ لَيْسَ بِهِ كِفَاءُ
قال الحسن: القُدُوس هو الله عزّ وجلّ، وروحه: جبريل، قال تعالى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس﴾ [النحل: ١٠٢] وقيل: سمي جبريل روحاً لِلَطَافته ولمكانته من الوَح] ي الذي هو سبب حياة القلوب.
قال النحاس: وسمي جبريل روحاً أو أضيف إلى القدس؛ لأنه كان بتكوين الله عزّ وجلّ له روحاً من غير ولادة والد والده [وقيل: المارد بروح القدس الإنجيل كما قال في القرآن «روحاً من أمرنا» لأنه الذي يوحى به]، وكذلك سمي عيسى روحاً لهذا.
وقال ابن عَبَّاس وسعيد بن جُبَيْرٍ: «هو الاسم الأعظم الذي كان يحيي به عيسى الموتى».
وقيل: هو الروح الذي نفخ فيه.
والقُدُس والقُدُّوس هو الله، فنسب روح عيسى إلى نفسه تعظيماً وتشريفاً، كما يقال: بَيْت الله، ونَاقَة الله؛ قاله الربيع وغيره، كقوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا﴾ [التحريم: ١٢] وعلى هذا المراد به الروح الذي يحيى به الإنسان.
[واعلم أن إطلاق الروح على «جبريل» وعلى الإنجيل والاسم الأعظم مجاز].


الصفحة التالية
Icon