[اعلم] أنه لما أقام دلائل التوحيد، والنبوة، والمعاد أولاً، ثم عقبها بذكر الإنعامات العّامة لكل البشر عقبها بذكر الإنعامات الخاصّة على أسلاف اليَهُودِ استمالةٌ لقلوبهم، وتنبيهاً على ما يدلّ على نبوة «محمّد عليه الصَّلاة والسَّلام» من حيث كونها إخباراً عن الغيب، موافقاً لما كان موجوداً في التَّوْراة والإنجيل من غير تعلّم، ولا تتلمُذِ. قوله: «يَابَنِي» منادى منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكّر سالم، وحذفت نونه للإضافة، وهو شبيه بجمع التَّكسير لتغير مفرده، ولذلك عاملته العرب ببعض معاملة جمع التكسير، فألحقوا في فعله المسند إليه تاء التأنيث، نحو: «قالت بنو فلان»، وقال الشاعر: [البسيط]
٤٢٤ - قَالَتْ بَنُو عَامرٍ خَالُوا بَنِي أَسَدٍ | يَابُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لأَقْوَامِ |
وأعربوه بالحركات أيضاً إلحاقاً له به، قال الشاعر: [الوافر]
٤٢٥ - وَكَانَ لَنَا أبُو حَسَنٍ عَليٌّ | أَباً بَرًّا وَنَحْنُ لَهُ بَنِينُ |
[فقد روي بَنِينُ] برفع النون، وهل لامه ياء؛ لأنه مشتقّ من البناء؛ لأن الابن من فرع الأب، ومبنيٌّ عليه، أو واو؛ لقولهم: البُنُوًَّة كالأُبُوَّة والأُخُوَّة؛ قولان.