ولكن النُّحَاة نَصُّوا على أنه ضرورةٌ، فالأَوْلَى أن يعود على الكفار الذين اختصتهم الآية؛ كما قال «ابن عطية».
و «النَّصْر» : العون: ، والأَنْصَار: الأَعْوَان، ومنه ﴿مَنْ أنصاري إِلَى الله﴾ [آل عمران: ٥٢] والنّصر أيضاً الانتقام، انتصر زيد: انتقم، والنصر: الإتْيَان نَصَرْتُ أَرْضَ بني فلانِ: أتيتها؛ قال الشاعر: [الطويل]
٤٦٩ - إذَا دَخَلَ الشَّهْرُ الحَرَامُ فَوَدِّعِي | بِلاَدَ تَمِيمٍ وانْصُرِي أَرْضَ عَامِرِ |
قال «القَفّال» : تقول العرب: أرض مَنْصورَة أي ممطورة، والغَيْثُ ينصر البلاد: إذا أنبتها، ف: انه أغاث أَهْلَهَا.
وقيل في قوله: ﴿مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ الله﴾ [الحج: ١٥] أي: لن يرزقه الله، كما يرزق الغَيْثُ البِلادَ.
والنَّصْر: العَطَاءُ؛ قال: [الرجز]
٤٧٠ - إِنِّي وَأَسْطَارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا... لَقَائِلٌ: يَا نَصْرٌ نَصْرٌ نَصْرَا
ويتعدّى ب «على» قال تعالى: ﴿فانصرنا عَلَى القوم الكافرين﴾ [البقرة: ٢٨٦] وأما قوله: ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم﴾ [الأنبياء: ٧٧] فيحتمل التعدّي ب «من» ويحتمل أن يكون من التضمين. أي: نصرناه بالانتقام له منهم.
فإن قيل: قوله: ﴿لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً﴾ تفيد ما أفاده ﴿وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ فما المقصود من هذا التكرار؟
فالجواب: أن قوله: ﴿لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ﴾ أي: لا تتحمّل عنه غيره ما يلزمه من الجَزَاء.
وأما النُّصْرَة فهو أن يحاول تخليصه من حكم المعاقب، فإن قيل: قدم في هذه الآية قَبُول الشفاعة على أخذ الفدية، وفي الآية التي قيل قوله ﴿وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ﴾ [البقرة: ١٢٤] قدم قبول الفدية على ذكر الشَّفاعة فما [الحكم؟ قال ابن الخطيب:]
فالجواب: أن من كان مَيْله إلى حبّ المال أشدّ من ميله إلى عُلُوّ النفس فإنه يقدّم [التمسُّك] بالشافعين على إعطاء الفدية، ومن كان بالعَكْسِ يقدّم الفدية على الشفاعة،