ونظيره قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤١٥]، ﴿يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢]، ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله﴾ [آل عمران: ٥٤]، ﴿وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]، ﴿إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ﴾ [هود: ٣٨].
وثانيها: اليهود تصبغ أولادها يهوداً، والنصارى تصبغ أولادها نصارى بمعنى يلقونهم، فيصبغونهم بذلك لما يشربون في قُلُوبهم.
عن قتادة قال ابن الأنباري رَحِمَهُ اللهُ يقال: فلان يصبغ فلاناً في الشيء، أي: يدخله فيه، ويلزمه إياه كما يجعل الصبغ لازماً للثوب. وأنشد ثعلب: [الطويل]
٨١٧ - دَعِ الشَّرَّ وانْزِلْ بالنَّجَاةِ تَحَرُّزاً | إِذا أنْتَ لَمْ يَصْبَغْكَ بِالشّرْعِ صَابِغُ |
[وقال مجاهد والحسن وأبو العالية وقتادجة رضي الله تعالى عنهمك أصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم فيما يسمونه المعمودية، وصبغوه بذلك ليطهروه به، كأنه الخِتَان، لأن الختان تطهير، فلما فعلوا ذلك قالوا: الآن قد صار نصرانياً حقًّا، فرد الله تعالى عليهم بقوله: ﴿صِبْغَةَ الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً﴾ وهي الإسلام فسمى الإسلام صبغة استعارة ومجازاً من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين كما يظهر أثر الصبغ في الثوب.
قال بعض شعراء ملوك «همدان» :[المتقارب]
٨١٨ - وَكُلُّ أُنَاسٍ لَهُمْ صِبْغةٌ | وَصِبْغَةُ هَمْدَانَ خَيْرُ الصِّبَغْ |
صَبَغْتنَا عَلَى ذَاكَ أَبْنَاءَنَا | فَأَكْرِمْ بِصِبْغَتِنَا في الصِّبَغْ] |
القول الثاني: أن صبغة الله فطرته، وهو كقوله: ﴿فِطْرَةَ الله التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله﴾ [الروم: ٣٠].