هارون: إن هذه الثياب والحُلِيّ لا تحلّ لكم، وكان السَّامِرِيُّ من مسيره مع موسسى عليه السلام إلى البحر ينظر إلى حافر دَابّة جبريل حين تقدم على فرعون في دخول البحر.
قال بعض المفسرين: كان لكما نقل حافره يخضرّ مكانه نَبْتاً، فلهذا سمي فرس الحياة، ولا يصيب شيئاً إلا حَيي، فقال السّامريُّ: «إن لهذا النبت نَبَتأً، فقبض منه قَبْضَةَ، وقيل: قبض من تراب حَافِرِهِ، فذلك قوله: ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرسول﴾ [طه: ٩٦]، ثم إن السَّامري أخذ ما كان معهم من الذَّهب، فصوَّر منه عِجْلاً وألقى فيه تلك القَبْضة، فخرج له صوت كالخُوَارِ، فقال القوم:» هذا إلَهُكُمْ وإله موسى «
قال ابن عبّاس:»
لأنه كان مُنَافقاً يظهر الإسلام، وكان يعبد البقر، وكان اسمه موسى بن ظفر «.
وقيل: متَّى.
وقيل: هارون، وإنهم عبدا العجل بعد مُجاوزة النَّهر لقوله تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا ببني إِسْرَآئِيلَ البحر فَأَتَوْاْ على قَوْمٍ يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ ياموسى اجعل لَّنَآ إلها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف: ١٣٨].
فإن قيل: كل عاقل يعلم ببديهة عقله أن الصنم الذي لا يتحرّك، ولا يحسّ، ولا يعقل مستحيل أن يكون له إله السموات والأرض، وَهَبْ أنه ظهر من خُوَار، ولكن هذا القَدْر لا يصلح أن يكون شُبْهة في قَلْب أحد من العقلاء في كونه إلهاً، وأيضاً فإن القوم قد شاهدوا قبل ذلك من المعجزات الظاهرة التي تكون قريبةً من حَدّ الإلجاء من الدلالة على الصانع وصدق موسى عليه السَّلام فمع قوة هذه الدلالة وبلوغها إلى حَدّ الضرورة، لا يكون صدور الخُوَارِ من ذلك العِجْلِ يقتضي شبهة في كون ذلك الجسم المصوت إلهاً.
قال ابن الخطيب: والجواب أنّ هذه الواقعة لا يمكن تصحيحها إلاّ على وجه واحدٍ، وهو أن السَّامري ألقى إلى القوم أن موسى عليه السَّلام إنما قدر على ما أتى به؛ لأنه كان يتّخذ طلسمَات على قوى ملكية، وكان يقدر بواسطها على هذه المُعجِزَاتِ فقال السَّامري للقوم: «وأنا أتخذ لكم طلسمات مثل طلسمته، وروّج عليهم ذلك بأن جعله بحيث خرج منه صَوْتٌ عجيب، فأطمعهم في أن يصيروا مثل مُوسَى عليه السَّلام في الإتيان بالخوارق، أو لعلَ القوم كانوا مجسّمة وحُلُولية، فجوزوا حلول الإله في بعض الأجْسَام، فلذلك وقعوا في تلك الشبهة.

فصل في فوائد من قصة بني إسرائيل


في هذه القصة فوائد:


الصفحة التالية
Icon