فصل
في «الصَّاعقة» قولان:
الأول: قال «الحَسَن وقتادة» : هي الموت، لقوله تعالى: ﴿فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله﴾ [الزمر: ٦٨] وهذا ضعيف لوجوه:
أحدها: قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْكُمُ الصاعقة وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ﴾، ولو كانت الصاعقة هي الموت لا متنع كونه ناظرين إلى الصَّاعقة.
وثانيها: قوله تعالى: ﴿وَخَرَّ موسى صَعِقاً﴾ [الأعراف: ١٤٣] أثبت الصَّاعقة في حقه مع أنه لم يكن ميتاً؛ لأنه قال: أَفَاقَ، والإفاقة لا تكون عن الموت.
وثالثها: أن الصَّاعقة وهي التي تصعق، وذلك إشارة إلى سبب الموت.
والقول الثاني: الصَّاعقة هي سبب الموت، واختلفوا فيها.
فقيل: هي نار وقعت من السماء فأحرقتهم.
وقيل: صحية جاءت من السماء.
وقيل: أرسل الله جنوداً، فلما سمعوا حسّها خروا صَعِقِيْنَ ميتين يوماً وليلةً.
قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ﴾ جلمة حالية، والمعنى: وأنتم تنظرون موت بعضكم خلف بعض، أوك تنظرون إلى ما حَلّ بكم، أو: أنتم أعيتكم صَيْحَةٌ وتفكّر.
قوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ﴾ [أحييناكم من بعد موتكم].
قال قتادة: ماتوا وذهبت أرواحهم، ثم ردوا لاستيفاء آجالهم.
قال النحاس:: «وهذا احتجاج على من لم يؤمن بالبَعْثِ من قريش، واحتجاج على أهل الكتاب إذ خبروا بهذا».
قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ما فعل بكم من البعث بعد الموت.
وقيل: ماتوا موت هُمُودٍ يعتبر به الغير، ثم أرسلوا.
وأصل البَعْث الإرسال.
وقيل: بل أصله إثارة الشيء من محلِّه، يقال: بعثت الناقة: أثرتها، أي حركتها؛ قال امرؤ القيس: [الطويل]
٥٠٥ - وَفِتْيَانِ صِدْقٍ قَدْ بَعَثْتُ بِسُحْرَةٍ | فَقَامُوا جَمِيعاً بَيْنَ عَاثٍ وَنشْوَانِ |