«فتأتون» أي: إلى موضع العرض.
«أفواجاً» أي: أمَماً كُل أمَّةٍ مع إمامهم.
روى معاذُ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - «قلت: يا رسول الله، أرأيت قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً﴾، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» يَا مُعَاذُ، لَقَدْ سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ عَظِيمٍ «، ثم أرسل عينيه باكياً - ثم قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:» يُحْشَرُ عَشَرَةُ أصْنَافٍ مِنْ أمَّتِي أشْتَاتاً قَدْ مَيَّزهمُ اللهُ - تَعَالَى - مِنْ جَمَاعَاتِ المُسْلِمِيْنَ وبَدَّلَ صُورَهُمْ، فَمِنْهُمْ على صُورةِ القِرَدَةِ، وبَعْضهُمْ عَلى صُورَةِ الخَنَازِيرِ، وَبَعْضُهُمْ مُنَكَّسِيْنَ أرْجُلهُمْ أعلاهُمْ وَوُجُوهُم يُسْحَبُونَ عليْهَا، وبَعضُهمْ عُمْياً، وبَعْضهُم صُمًّا، وبَعْضُهُمْ يَمْضُغُونَ ألْسنَتَهُمْ فَهِيَ مُدَلاَّة على صُدورِهِمْ، يَسِيلُ القَيْحُ مِنْ أفْواهِهِم، يَتقذَّرهمُ الجَمْعُ، وبَعَْضهُمْ مُقطَّعَةٌ أيْدِيهِمْ وأرْجٌُلهمْ مُصلَّبين على جذُوع مِنْ نَارٍ، وبَعضُهم أشَدُّ نَتْناً مِنَ الجِيفِ، وبَعْضُهمْ مُلْبَسِينَ جَلابِيبَ لاصقةً بِجُلوْدهِمْ، فأمَّا الذينَ على صُورةِ القِردَةِ: فالقَتَّاتُ مِنَ النَّاسِ - يَعْنِي: النَّمَّامَ - وأمَّا الَّذينَ عَلى صُورةِ الخَنَازِيرِ فأهْلُ السُّحْتِ والحَرامِ والمَكْسِ، وأمَّا المُنكِسُونَ رُءوسَهُمْ وَوُجوهمْ فأكلَةُ الرِّبَا، وأمَّا العُمْيُ: فالَّذيْنَ يَجُورُونَ في الحُكْمِ، وأمَّا الصُمُّ البُكْمُ: فالمُعْجَبُونَ بأعْمالِهمْ، وأمَّا الَّذِينَ يَمْضُغُونَ ألْسِنَتَهُمْ، فالعُلمَاءُ الَّذينَ يُخَالفُ قَوْلهُم فِعلهُمْ، وأمَّا الَّذينَ قُطِعَتْ أيْديهِمْ وأرْجُلهُمْ فالَّذينَ يُؤذُونَ الجِيرانَ، وأمَّا المُصَلَّبُونَ فِي جُذوْعِ النَّارِ، فالسَّعاة بالنَّاسِ إلى السُّلطانِ، وأمَّا الَّذينَ أشَدُّ نَتْناً مِنَ الجِيَفِ، فالَّذينَ يَتَّبعُنَ الشَّهواتِ واللَّذَّاتِ، ويَمْنعُونَ حَقَّ اللهِ فِي أمْوالِهمْ، وأمَّا الَّذِينَ يَلْبِسُونَ الجَلابِيْبَ فأهْلُ الكِبْرِ والفَخْرِ والخُيَلاء «.
قوله تعالى: ﴿وَفُتِحَتِ السمآء فَكَانَتْ أَبْوَاباً﴾.
قرأ أبو عامر وحمزة والكسائي:» فُتِحَتْ «خفيفة، والباقون بالتثقيل.
والمعنى: كُسرتْ أبوابها المفتَّحةُ لنزول الملائكة كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً﴾ [الفرقان: ٢٥].
وقيل: تقطَّعت، فكانت قطعاً كالأبواب، فانتصاب الأبواب على هذا بحذف الكاف.
وقيل: التقدير: كانت ذات أبواب؛ لأنها تصير كلها أبواباً.
وقيل: أبوابها: طرقها.