الثالث: أنَّه بدلٌ من قوله: «وَلا شَراباً» وهو الأحسنُ؛ لأن الكلام غير موجب.
قال أبو عبيدة: الحَمِيمُ: الماءُ الحارّ.
وقال ابن زيد: دموع أعينهم تجمع في حياض، ثم يسقونه.
وقال النحاس: أصل الحميمِ الماءُ الحار، ومنه اشتقَّ الحمَّام، ومنه الحُمَّى ومنه ظل من يحموم، إنَّما يراد به النهاية في الحر، والغسَّاق: صديد أهل النار وقيحهم.
وقيل: الزَّمهرير، وتقدم خلاف القرَّاء في «غسَّاقاً» والكلام عليه وعلى «حَمِيم».
قال أبو معاذ: كنت أسمع مشايخنا يقولون: الغسَّاقُ: فارسية معربةٌ، يقولون للشيء الذي يتقذرونه: خاشاك.
قوله: ﴿جَزَآءً﴾ منصوبٌ على المصدر، وعامله إما قوله: «لا يذوقون» إلى آخره؛ لأنه من قوة جوزوا بذلك، وإمَّا محذوف، و «وَفَاقاً» نعت له على المبالغةِ، أو على حذف مضاف، أي: ذا مبالغة.
قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: معناه: موافقاً لأعمالهم، فالوفاقُ بمعنى: «الموافقة» كالقتال من المقاتلة.
قال الفراء والأخفش: أي: جازيناهم جزاء وافق أعمالهم.
وقال الفراء أيضاً: هو جمع الوفقِ واللَّفقِ واحد.
وقال مقاتل: وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار.
وقال الحسن وعكرمة: كانت أعمالهم سيئة فأتاهم الله بما يسوؤهم.
وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة: بتشديد الفاء من «وفقه كذا».
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً﴾. أي: لا يخافون حساباً، أي: محاسبة على أعمالهم، وقيل: لا يرجون ثواب حساب.
وقال الزجاج: إنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث، فيرجون حسابهم، فهو إشارة إلى أنَّهم لم يكونوا مؤمنين.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً﴾ قرأ العامة: «كِذَّاباً» بتشديد الذال، وكسر الكاف.
وكان من حق مصدر «فعَّل» أن يأتي على «التَّفعيل» نحو صرَّف تصريفاً.