قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الراجفة﴾ منصوبٌ بفعلٍ مقدَّرٍ، وهو جوابُ القسمِ: تقديرهُ: لتُبْعَثُنَّ، لدلالةِ ما بعده عليه.
قال الفرَّاءُ: ويدل عليه قوله تعالى: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً﴾ ألسْتَ ترى أنه كالجواب لقولهم: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً﴾ نُبعث؟ فاكتفى بقوله: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً﴾ ؟.
وقال الأخفشُ والزجاجُ: يَنْفُخْنَ في الصُّورِ نَفْخَتَيْنِ، بدليل ذكر «الرَّادفة» و «الرَّاجفَةِ»، وهما النَّفختانِ.
قال الزمخشريُّ: فإن قلت: كيف جعلت «يَوْمَ تَرْجفُ» ظرفاً للمضمر الذي هو لَتُبْعَثُنَّ، ولا يبعثون عند النفخة الأولى؟.
قلت: المعنى: لتبعثن في الوقت الواسع الذي تقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى ودلَّ على ذلك أن قوله: ﴿تَتْبَعُهَا الرادفة﴾ جعل حالاً عن «الرَّاجِفَة».
وقيل: العامل مقدر، أي: اذكر يوم ترجفُ.
وفي الجواب على هذا التقدير وجوهٌ:
أحدها: قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً﴾ [النازعات: ٢٦].
واستقبحه أبو بكر بن الأنباري، لطول الفصل.
الثاني: أنه قوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى﴾ [النازعات: ١٥] ؛ لأن «هَلْ» بمعنى: «قَدْ».
وهذا غلطٌ؛ لأنه كما تقدَّم في «هَلْ أتَى» أنَّها لا تكون بمعنى «قد» إلاَّ في الاستفهام على ما قال الزمخشري.
الثالث: أن الجواب: «تَتْبعُهَا» وإنَّما حذفتِ «اللامُ»، والأصل: «اليَوْمَ تَرْجفُ الرَّاجفةُ تَتْبعُهَا»، فحذفت «اللاَّمُ»، ولم تدخل نون التوكيد على تتبعها للفصل بين «اللام» المقدَّرة، وبين الفعل المقسمِ عليه بالظرف، ومثله: ﴿لإِلَى الله تُحْشَرُونَ﴾ [آل عمران: ١٥٨].
وقيل: في الكلام تقديم، وتأخير، أي: يَوْمَ تَرْجفُ الرَّاجفةُ، تَتْبعُهَا الرَّادفةُ والنَّازعات.