وقال ابن زيدٍ: الحافرة «النَّار»، وقرأ: «تلك إذا كرَّه خاسرة».
وقال مقاتلٌ وزيدُ بن أسلم: هي اسم من أسماء النار.
وقال ابنُ عبَّاسٍ: الحافرة في كلام العرب: الأرض التي تغيَّرت وأنتنت بأجسادِ موتاها، من قولهم: حفرت أسنانه، أي: تآكلت، أي: دكها الوسخُ من باطنها وظاهرها، ويجوز تعلقه ب «مردودون»، أو: بمحذوف على أنه حال.

فصل في تفسير الآية


قال ابن الخطيب: هذه الأحوال المتقدمة هي أحوال القيامة عند جمهور المفسرين.
وقال أبو مسلم: هذه الأحوال ليست هي أحوال القيامة؛ لأنه فسَّر «النَّازعات» بنزعِ القوسِ، و «المُدبِّرات» بالأمور التي تحصل أدبار ذلك الرمي، والعدو، ثم بنى على ذلك فقال: «الرَّاجفَة» هي خيلُ المشركين، وكذلك «الرَّادفة»، وهما طائفتان من المشركين غزوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فسبقت إحداهما الأخرى، والقلوب الواجفة، هي القلقةُ، والأبصار الخاشعة، هي أبصار المنافقين، كقوله تعالى: ﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشي عَلَيْهِ مِنَ الموت﴾ [محمد: ٢٠]، كأنَّه قيل: لمَّا جاء خيل العدو ترجف؛ لأنها اضطربت قلوب المنافقين خوفاً، وخشعت أبصارهم جُبْناً وضَعْفاً ثم قالوا: «أئِنَّا لمردودون فِي الحَافِرَةِ» أي: نرجع إلى الدنيا حتى نتحمّل هذا الخوف لأجلها. وقالوا أيضاً: «تِلْكَ إذا كَرَّة خَاسِرةٌ»، فأول هذا الكلام حكاية لحال من غزا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من المشركين، وأوسطه حكاية لحال المنافقين، وآخره حكاية لكلام المنافقين في إنكار الحشر، ثم إنه - تعالى - أجاب عن كلامهم بقوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بالساهرة﴾.
قال ابن الخطيب: وكلام أبي مسلم محتملٌ، وإن كان على خلاف قولِ الجمهور.
قوله تعالى: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً﴾.
قرأ الأخوان وأبو بكر: «نَاخِرَةً» بألف.
والباقون: «نَخِرة» بدُونِهَا.


الصفحة التالية
Icon