فأما التنوين في «سَلاسِل» فذكروا له أوجهاً:
منها: أنه قصد بذلك التناسب؛ لأن ما قبله وما بعده منون منصوب.
ومنها: أن الكسائي وغيره من أهل «الكوفة» حكوا عن بعض العرب أنهم يصرفون جميع ما لا ينصرف إلا «أفعل منك».
قال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف كل ما لا ينصرف؛ لأن الأصل في الأسماء الصرف، وترك الصرف لعارض فيها، وأن هذا الجمع قد جمع وإن كان قليلاً قالوا: «صواحب وصواحبات»، وفي الحديث: «إنَّكُنَّ لصَواحِباتُ يُوسُف» ؛ وقال: [الرجز]

٥٠٢٨ - قَدْ جَرتِ الطَّيْرُ أيَامِنينَا فجمع «أيامن» جمع تصحيح المذكر.
وأنشدوا: [الكامل]
٥٠٢٩ - وإذَا الرِّجالُ رَأوا يَزيدَ رَأيْتهُمْ خُضعَ الرِّقابِ نَواكِس الأبْصَارِ
بكسر السين من «نواكس» وبعدها ياء تظهر خطًّا لا لفظاً لالتقاء الساكنين، وهذا على رواية كسر السين، والأشهر فيها نصب السين، فلما جمع شابه المفردات فانصرف.
ومنها: أنه مرسوم في إمام «الحِجَاز» و «الكوفة» بالألف، رواه أبو عبيد، ورواه قالون عن نافع، وروى بعضهم ذلك عن مصاحف «البصرة» أيضاً.
وقال الزمخشري: فيه وجهان:
أحدهما: أن تكون هذه النون بدلاً من حرف الإطلاق، ويجري الوصل مجرى الوقف.
والثاني: أن يكون صاحب هذه القراءة ممن ضري برواية الشعر ومرن لسانه على صرف ما لا ينصرف.
قال شهاب الدين: «وفي هذه العبارة فظاظة وغلظة، لا سيما على مشيخة


الصفحة التالية
Icon