وقال البغويُّ:» رفَعَ سمْكهَا «أي: سقفها.

فصل في الكلام على هذه الآية


قال الكسائيُّ والفراء والزجاج: هذا الكلام تم عند قوله تعالى: ﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السمآء بَنَاهَا﴾، قال: لأنَّه من أصله السماء، والتقدير:»
أم السماء التي بناها «فحذف» التي «، ومثل هذا الحذف جائز.
قال القفالُ: يقال: الرجل جاءك عاقل، أي: الرجل الذي جاءك عاقل، وإذا ثبت جواز ذلك في اللغة، فنقول: الدَّليل على أن قوله تعالى:»
بَنَاهَا «صلةٌ لما قبله، أنَّه لو لم يكن صلة لكان صفة فقوله:» بَنَاهَا «صفة، ثم قوله:» رَفَعَ سَمْكهَا «صفة، فقد توالت صفتان، لا تعلُّق لإحداهما بالأخرى، فكان يجب إدخال العاطف بينهما، كما في قوله:» وأغطَشَ ليْلهَا «، ولمَّا لم يكن كذلك، علمنا أنَّ قوله:» بَناهَا «صلةٌ للسَّماءِ، فكان التقدير: أم السَّماء التي بناهَا»، وهذا يقتضي وجود سماءٍ ما بَنَاهَا اللهُ، وذلك باطل.
وقوله: ﴿فَسَوَّاهَا﴾ أي: خَلقهَا خَلْقاً مستوياً، لا تفاوت فيه، ولا فطور، ولا شقوق.

فصل فيمن استدل بالآية على أن السماء كرة


قال ابن الخطيب: واستدلُّوا بهذه الآية على كونِ السَّماء كُرةً، قالوا: لأنه لو لم تكن كرةً لكان بعضُ جوانبها سطحاً، والبعض زاويةً والبعضُ خطًّا، ولكان بعض أجزائه اقرب إلينا، والبعض الآخر أبعد، فلا تحصل التَّسويةُ الحقيقية، ثُمَّ قالوا: لما ثبت أنَّها محدثةٌ مُفتقِرةٌ إلى فاعل مختار، فأيُّ ضررٍ في الدِّين يُنافِي كونها كرة.
قوله تعالى: ﴿وَأَغْطَشَ﴾. أي: أظلم بلغة أنمار، يقال: غطشَ الليلُ، وأغطشته أنا؛ قال: [المتقارب]
٥١٠٠ - عَقرْتُ لَهُمْ نَاقَتِي مَوهِناً فَليْلهُم مُدلَهِمٌّ غَطِشْ
وليل أغطش، وليلة غطشاء.
قال الراغب: وأصله من الأغطش، وهو الذي في عينه شبه عمش، ومنه فلاة غَطْشَى لا يهتدى فيها، والتَّغَاطشُ: التَّعامِي انتهى.
ويقال: أغْطشَ اللَّيْلُ قاصراً ك «أظلم»، ف «أفْعَلَ» فيه متعدٍّ ولازمٍ، فالغَطَشُ والغَتَشُ: الظُّلمة، ورجل أغطش، أي: أعْمَى، أو شبيهٌ به، وقد غطش، والمرأة:


الصفحة التالية
Icon