لا بد منه في تأتي سكناها من تسوية أمر المأكلِ والمشربِ وإمكان القرار عليها.
والثاني: أن يكون «أخْرَج» حالاً، بإضمار «قد»، كقوله تعالى: ﴿أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ [النساء: ٩٠].
واعلم أنَّ إضمار «قد» هو قول الجمهور، وخالف الكوفيون والأخفش.
قوله: ﴿مِنْهَا مَآءَهَا﴾، أي: من الأرض عيونها المتفجِّرة بالماء.
و «مَرْعَاهَا» أي: النبات الذي يرعى، والمراد بمرعاها، ما يأكل النَّاسُ والأنعامُ، ونظيره قوله تعالى: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا المآء صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض شَقّاً﴾ [عبس: ٢٥، ٢٦]، إلى قوله تعالى: ﴿مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ﴾ [عبس: ٣٢]، واستعير الرَّعي للإنسان، كما استعير الرَّتعُ في قوله: ﴿يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ﴾ [يوسف: ١٢] وقد قُرئ «نرتع» ويرتع من الرَّعي، والرعي في الأصل مكان أو زمان، أو مصدر، وهو هنا مصدر بمعنى: «المفعول»، وهو في حق الآدميين استعارة.
قال ابن قتيبة: قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ المآء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: ٣٠]، فانظر كيف دلَّ بقوله: «مَاءهَا ومَرْعاهَا» على جميع ما أخرجه من الأرض قوتاً، ومنها متاعاً للأنام من العشب، والشجر، والثمر، والحب والقضب، واللباس، والدواء، حتى النار والملح.
أمَّا النار؛ فلأنها من العيدانِ، قال جلا وعلا: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النار التي تُورُونَ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ المنشئون﴾ [الواقعة: ٧١، ٧٢].
وأمَّا الملحُ؛ فلأنَّه من الماءِ.
قوله تعالى: ﴿والجبال أَرْسَاهَا﴾.
قراءة العامة: بنصب «الجبال».
وأرْسَى: ثبَّت فيها الجبال.
وقرأ الحسنُ، وعمرو بنُ عبيدٍ، وعمرو بنُ ميمونٍ، ونصرُ بنُ عاصمٍ: بالرَّفعِ على الابتداءِ.
قوله تعالى: ﴿مَتَاعاً لَّكُمْ﴾.
العامَّة: على النصب مفعولاً له، أو مصدراً لعاملٍ مقدرٍ، اي: متَّعكُمْ، أو مصدراً من غير اللفظ؛ لأن المعنى: أخرج منها ماءها ومرعاها أمتع بذلك.
وقيل: نُصِبَ بإسقاط حرف الصفة، تقديره: لتتمتعوا به متاعاً، والمعنى منفعة لكم ولأنعامكم.