حسَّن عدم ذكر العائد كون الكلمة وقعت رأس فاصلة.
وقال الزمخشري «فإن الجحيم مأواهُ، كما تقول للرجل: غُضَّ الطَّرف، تريد طرفك، وليس الألف و» اللام «بدلاً من الإضافة، ولكن لما علم أنَّ الطَّاغي هو صاحب المأوى، وأنَّه لا يغُضُّ طرف غيره تركت الإضافة، ودخول الألف واللام في» المأوى «والطرف، للتعريف؛ لأنهما معروفان».
قال أبو حيان: «وهو كلام لا يتحصَّل منه الرابط العائد على المبتدأ، إذ قد نفى مذهب الكوفيين، ولم يقدّر ضميراً محذوفاً ضميراً كما قدَّره البصريون، فرام حصول الرابط بلا رابط».
قال شهابُ الدِّين: «ولكن لما علم إلى آخره، هو عين قول البصريين، ولا أدري كيف خفي عليه هذا».
قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾ اي: حَذِرَ مقامه بين يدي ربه.
وقال الربيعُ: مقامه يوم الحساب.
وقال مجاهدٌ: خوفه في الدنيا من الله عند مواقعه الذَّنب فقلع عنه، نظيره: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٤٦].
﴿ونَهَى النَّفْس عن الهَوى﴾ أي: زجرها عن المعاصي والمحارم.
قال ابن الخطيب: هذان الوصفان مضادَّان للوصفين المتقدمين، فقوله تعالى: ﴿مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾ ضدُّ قوله: «فأمَّا من طغى»، «ونَهَى النفس» ضدُّ قوله: «وآثر الحياةَ الدُّنيا» فكما دخل في ذينك الوصفين جميع القبائح دخل في هذين الهوى، وسيأتي زمان يقوى الهوى الحقَّ، فنعوذُ بالله من ذلك الزمنِ.
قوله: ﴿فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى﴾ أي: المنزل، نزلت لآيتان في مصعبِ بن عميرٍ، وأخيه عامرِ بنِ عميرٍ.