وقال الزمخشري: «وعن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - لم يزل رسول الله عليه وسلم يذكر الساعة، ويسأل عنها ويذكرها حتى نزلت، قال:» فَهوَ عَلى هَذَا تَعجَّبَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرهِ لَهَا كأنَّهُ قِيلَ: فِي أيِّ شُغلٍ واهتمامٍ أنْتَ من ذِكرِهَا والسُّؤال عَنْهَا «.
وقيل: الوقف على قوله:»
فيم «، وهو خبر مبتدأ مضمر، أي: فيم هذا السؤال، ثم يبتدئ بقوله:» أنْت مِنْ ذِكراهَا «أي: إرسالك، وأنت خاتم الأنبياء، وآخر الرسل، والمبعوث في تسمية ذكر من ذكراها، وعلامة من علاماتها، فكفاهُم بذلك دليلاً على دُنوِّها، ومشارفتها، والاستعداد لها، ولا معنى لسؤالهم عنها.
قاله الزمخشري: وهو كلام حسنٌ، لولا أنَّه يخالف الظاهر، وتفكيك لنظم الكلام.
ومعنى»
إلى ربِّك مُنتَهاهَا «منتهى علمها، كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله﴾ [الأعراف: ١٨٧]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة﴾ [لقمان: ٣٤].
قال القرطبي: ويجوز أن يكون إنكاراً على المشركين في مسألتهم له، أي: فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانه، ولست ممن يعلمه، وروي معناه عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا﴾.
العامة: على إضافة الصفة لمعمولها تخفيفاً.
وقرأ عمر بن عبد العزيزِ وأبو جعفرٍ، وطلحةُ، وابن محيصنٍ: بالتنوين، ويكون في موضع نصب، والمعنى: إنَّما ينتفع بإنذارك من يخشى الساعة.
قال الزمخشري: وهو الأصل، والإضافة تخفيف، وكلاهما يصلح للحال والاستقبال، فإذا أريد الماضي، فليس إلا الإضافة، كقولك: هو منذرٌ زيدٍ أمس.


الصفحة التالية
Icon