قوله: ﴿ذَكَرَهُ﴾ يجوز أن يكون الضمير لله تعالى، لأن منزل التذكرة، وأن يكون للتذكرة، وذكر ضميرها؛ لأنها بمعنى الذكر والوعظ.
وقوله: ﴿فَي صُحُفٍ﴾ صفة لتذكرة. فقوله: ﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ﴾ جملة معترضة بين الصفة وموصوفها، ونحوها ﴿فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ [المزمل: ١٩] ويجوز أن يكون «في صحف» خبراً ثانياً ل «إنها» والجملة معترضة بين الخبرين.
فصل
اعلم أنه تعالى وصف تلك التذكرة بأمرين:
الأول: قوله: ﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ﴾ أي هذه تذكرة بينة ظاهرة بحيث لو أرادوا فهمها والاتعاظ بها والعمل بموجبها لقدروا عليه.
والثاني: قوله: ﴿فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ﴾ أي تلك التذكرة معدة في هذه الصحف المكرمة، والمراد من ذلك تعظيم حال القرآن والتنويه بذكره والمعنى أن هذه التذكرة مثبتة في صحف.
والمراد من «الصحف» قولان:
الأول: أنها صحف منتسخة من اللوح مكرمة عند الله تعالى مرفوعة في السماء السابعة أو مرفوعة المقدار مطهرة عن أيدي الشياطين، أو المراد مطهرة بسبب أنها لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة.
قوله: ﴿سَفَرَة﴾ جمع سافر وهو الكاتب ومثله كاتب وكتبة، وسفرت بين القوم أسفر سفارة أصلحت بينهم قال:
٥١٠٧ - ج - فَمَا أدَعُ السِّفارةَ بَيْنَ قَومي | ولا أمْشِي بغِشٍّ إن مَشَيْتُ |
وقوله: ﴿كِرَامٍ﴾ هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الإطلاق، ولا يشاركهم فيها سواهم، وروى الضحاك عن ابن عباس في «كِرامٍ» قال: يتكرمون أن يكونوا مع ابن آدم إذا خلا بزوجته أو تَبَرَّزَ لغائطهِ.
وقيل: يُؤثِرُون منافعَ غيرهم على منافع أنفسهم.
وقوله تعالى: ﴿بَرَرَةٍ﴾ جمع بارّ، مثل: كافرٍ وكفرةٍ، وساحرٍ وسحرةٍ وفاجرٍ وفجرةٍ، يقال: برٌّ وبارٌّ، إذا كان أهلاً للصِّدقِ، برَّ فلان في يمينه أي: صدق،