قال القرطبي: فمن أخذ بهذه القراءة، قال: الوقف على «طعامه» تام، ويقال: معنى «أنَّى» : أين، إلاَّ أنَّ فيها كناية عن الوجوه، وتأويلها: من أي وجهٍ صببنا؛ قال: الكميت: [المنسرح]

٥١٠٩ - أنَّى، ومِنْ أيْنَ آبَكَ الطَّربُ مِنْ حَيْثُ لا صبْوةُ ولا رَيبُ

فصل في المراد بصبّ الماء


قوله: ﴿صَبَبْنَا المآء صَبّاً﴾، يعني: الغيث والأمطار، ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض شَقّاً﴾ أي: بالنبات ﴿فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً﴾ أي: قَمْحاً وشعيراً وسلقاً، وسائر ما يحصد ويدخر، وإنما قدم ذلك لأنها كالأصل في الأغذية، «وعِنَباً» وإنما ذكره بعد الحب؛ لأنه غذاء من وجه، وفاكهة من وجه.
قوله: ﴿وَقَضْباً﴾ : القَضْبُ هنا، قال ابن عباس: هو الرطبُ، لأنه يقضب النخل، أي: يقطع، ورجَّحه بعضهم بذكره بعد العنب، وكثيراً ما يقترنان.
وقيل: القت.
قال القتيبي: كذا يسميه أهلُ «مكة».
وقيل: كُل ما يُقْضَبُ من البُقولِ لبني آدمَ.
وقيل: هو الرَّطبةُ، والمقاضب: الأرض التي تنبتها.
قال الراغب: والقَضْبُ: كالقضيب، لكن القضيب يستعمل في فروع الشجر، والقضبُ يستعمل في البقل، والقَضَبُ: أي بالفتح قطع القَضْب والقضيب، وعنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه كان إذا رأى في ثوبٍ تصليباً قضبه، وسيفٌ قاضبٌ وقضيبٌ، أي: قاطعٌ، فالقضيب - هاهنا - بمعنى: الفاعل، وفي الأول: بمعنى المفعول، وكذا قولهم: ناقة قضيب، لما تركب من بين الإبل ولما ترض، وفي الأول: بمعنى المفعول، وكذا قولهم: ناقة قضيب، لما تركب من بين الإبل ولما ترض، ويقال لكل ما لم يهذب: مقتضب، ومنه اقتضاب الحديث، لما لم يترو فيه.
وقال الخليل: القَضْبُ: أغصان الشجرة التي يتّخذ منها سهامٌ أو قسيٌّ.
وقال ابن عباس: إنه الفصفصة، وهوالقتّ الرطب.


الصفحة التالية
Icon