و ﴿عَلَى الغيب﴾ متعلق ب «ظنين»، أو «ضَنِيْنٍ».
و «الغيب» : القرآن، وخبر السماء هذا صفة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وقيل: صفة جبريل عليه السلام.
قوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ﴾، أي: مَرْجُومٍ، والضمير في «هو» للقرآن، قالت قريش: إنَّ هذا القرآن يجيء به شيطان، فيلقيه على لسانه، فنفى الله ذلك، يريدون بالشيطان: الأبيض الذي كان يأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في صورة جبريل يريد أن يفتنه.
فصل في الكلام على الآية
قال ابنُ الخطيب: إن قيل: إنَّه حلف على أن القرآن قول جبريل - عليه السلام - فوجب علينا أن نصدقه، فإن لم نقطع بوجوب حمل اللفظ على الظاهر، فلا أقلَّ من الاحتمال، وإن كان كذلك ثبت أن هذا القرآن يحتملُ أن يكون كلام جبريل لا كلام الله تعالى، وبتقدير أن يكون كلام جبريل لا يكون معجزاً، ولا يمكن أن يقال بأن جبريل معصوم؛ لأنَّ عصمته متفرعة على صدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وصدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على كون القرآن معجزاً، وكون القرآن معجزاً متفرع على عصمة جبريل، فيلزم دور.
فالجواب: أنَّ الإعجاز ليس في الفصاحة، بل في سلب تلك الدواعي عن القلوب، وذلك مما لا يقدر عليه أحد إلاَّ الله تعالى، لأن سلب القدرة عما هو مقدور لا يقدر عليه إلا الله تعالى.
ثم قال في قوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ﴾ : فإن قيل: القول بصحة النبوة موقوف على نفي هذا الاحتمال فكيف يمكن نفيه بالدليل السمعي؟.
قلنا: قد بينَّا أنَّه على القول بالصرف لا يتوقف صحة النبوة على نفي هذا الاحتمال بالدليل السمعي.
قوله تعالى: ﴿فَأيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ «أيْنَ» : منصوب ب «تذهبون» ؛ لأنه ظرف مبهم.
وقال أبو البقاء: أي: إلى أين؟ فحذف حرف الجرِّ، كقولك: ذهبت «الشام»، ويجوز أن يحمل على المعنى، كأنه قال: أين تؤمنون، يعني: أنه على الحذف، أو على التضمين، وإليه نحا مكيٌّ أيضاً.