وقرأ مجاهد - أيضاً - والربيع بن خيثم، والزعفراني، والثوري: مبنياً مخففاً.
ومعنى «فُجِّرت» أي: دخل بعضها في بعض، واختلط العذبُ بالملحِ، فصار واحداً بارتفاع الحاجز الذي جعله الله تعالى برزخاً بينهما.
وقيل: إنَّ مياه البحار الآن راكدة مجتمعة، فإذا انفجرت تفرقت، وذهب ماؤها.
وقال الحسن: فجرت: يبست.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ﴾. أي: قلبت: يقال: بَعْثَره وبَحْثَره - بالعين والحاء - قال الزمخشري: وهما مركبان من العبث والبحث، مضموم إليهما راء، يعني أنهما مما اتفق معناهما؛ لأن الراء مزيدة فيهما، إذ ليست من حروف الزيادة وهذا ك «دَمَثَ» و «دَمْثَرَ» و «بَسَطَ» و «بَسْطَرَ».

فصل في المراد ببعثرة القبور


والمعنى: قلب أعلاها وأسفلها، وقلب ظاهرها وباطنها وخرج ما فيها من الموتى أحياء.
وقيل: التبعثر: إخراج ما في باطنها من الذهب والفضة ثم يخرج الموتى بعد ذلك.
وقوله تعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ : جواب «إذا»، والمعنى: ما قدمت من عمل صالح، أو شيء، أو أخرت من سيئة أو حسنة. وقيل: ما قدمت من الصدقات وأخرت من التركات على ما تقدم في قوله تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الإنسان يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣].
والمقصود منه الزجر عن المعصية، والترغيب في الطاعة.
فإن قيل: أيُّ وقت من القيامة يحصل هذا العلم؟.
قال ابنُ الخطيب: أمَّا العلم الإجمالي، فيحصل في أول زمان الحشر؛ لأن المطيع يرى آثار السعادة في أول الأمر والعاصي يرى آثار الشقاوة في أول الأمر، وأمَّا العلم التفصيلي، فإنما يحصل عند قراءة الكتب، والمحاسبة.
قوله
تعالى
: ﴿يا
أيها
الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم﴾
أي: المتجاوز.
والعامة: على «غرَّك» ثلاثياً، و «ما» الاستفهامية: في محل رفع على الابتداء.


الصفحة التالية
Icon