يختص واحد من الملائكة بواحد من بني آدم، ويحتمل أن يكون الموكَّل بكل واحد منهم جمعاً من الملائكة، كما قيل: اثنان بالليل، واثنان بالنهار، أو كما قيل: إنهم خمسة.
فصل في أن الكفَّار، هل عليهم حفظة؟.
اختلفوا في الكفَّار هل عليهم حفظة؟.
فقيل: لا؛ لأن أمرهم ظاهر وعلمهم واحد، قال تعالى: ﴿يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١].
وقيل: بل عليهم حفظة لقوله تعالى: ﴿بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾، وأمَّا من أوتي كتابه بشماله، ومن أوتي كتابه وراء ظهره، فأخبر أنَّ لهم كتاباً وعليهم حفظة.
فإن قيل: أي شيء يكتب الذي عن يمينه، ولا حسنة له؟.
فالجواب: أنَّ الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه، ويكون صاحبه شاهداً على ذلك، وإن لم يكتب.
فصل في معرفة الملائكة هَمَّ الإنسان
سُئِلَ سفيان: كيف تعرف الملائكة أنَّ العبد همَّ بمعصية، أو بحسنة؟ قال: إذا همَّ العبد بحسنة وجد منه ريح المسك، وإن همَّ بسيئة وجد منه ريح منتن.
فصل في أن الشاهد لا يشهد إلا بعد العلم
دلت هذه الآية على أنَّ الشاهد لا يشهد إلاَّ بعد العلم، لوصف الملائكة بكونهم حافظين كراماً كاتبين، يعلمون ما تفعلون، فدلَّ على أنهم يكونون عالمين بها حتى أنَّهم يكتبونها، فإذا كتبوها يكونون عالمين عند أداء الشهادة.
قال الحسن: لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم.
وقيل: يعلمون ما ظهر منكم دون ما حدثتم به أنفسكم.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ﴾.
الأبرار: الذين بروا، وصدقوا في إيمانهم بأداء فرائض الله تعالى، واجتناب معاصيه.