قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ مَّرْقُومٌ﴾ قال المفسرون: ليس هذا تفسيراً ل «سجين»، بل هو بيان للكتاب المذكور في قوله: «إنَّ كِتابَ الفُجَّار» أي: هو كتاب مرقوم، أي: مكتوب فيه أعمالهم مثبت عليهم، كالرقم لا ينسى ولا يمحى حتى يجازى به، والرقم: الخط؛ قال: [الطويل]
٥١٢٨ - سَأرْقمُ فِي المَاءِ القَراحِ إليْكمُ | عَلَى بُعدكُمْ، إنْ كَانَ في الماءِ رَاقمُ |
وقال قتادةُ ومقاتل: رقم: نشر، كأنه أعلم بعلامة يعرف بها أنَّه كافر.
قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾.
قيل: إنَّه متصل بقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبِّ العالمين﴾ لمن كذَّب بأخبار الله تعالى.
وقيل: إنَّ قوله: «مرقوم» معناه: مرقم أي: يدل على الشَّقاوة يوم القيامة، ثم قال: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ في ذلك اليوم من ذلك الكتاب.
ثم إنه - تعالى - أخبر عن صفة من يكذِّب بيوم الدين، فقال تعالى: ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين﴾، فقوله تعالى: ﴿الذين يُكَذِّبُونَ﴾ يجوز فيه الإتباع نعتاً وبدلاً وبياناً، والقطع رفعاً ونصباً.
واعلم أنه - تعالى - وصف المكذب بيوم الدين بثلاث صفاتٍ:
أولها: كونه معتدياً، والاعتداء هو التجاوز عن المنهج الحقِّ.
وثانيها: الأثيم وهو المبالغة في ارتكاب الإثم والمعاصي.
وثالثها: ﴿إِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين﴾ والمراد: الذين ينكرون النبوة، والمراد بالأساطير: قيل: أكاذيب الأولين. وقيل: أخبار الأولين.
قوله: ﴿إِذَا تتلى عَلَيْهِ﴾. العامة على الخبر.