قال ابن الخطيب: و «على» بمعنى: «عند» كقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ﴾ [الشعراء: ١٤] أي: عندي.
[وقوله: «شهودٌ» إما حضور قاسية قلوبهم لا يرقون على المؤمنين، أو هم مجدون في ذلك لا يخطر لهم أنه حق.
أو يكون المراد وصف المؤمنين بالتصلُّب في دينهم، والثبات عليه، وإن لم يؤثر فيهم حضور هؤلاء، ولا استحيوا من مخالطتهم.
وإما أن يكون المراد بشهودهم شهادة الدعوة؛ أي: يشهد بعضهم لبعض عند الملك بما فعلوا بالمؤمنين.
وإما أنهم متثبّتون في فعلهم متبصرون فيه كما يفعل الشهود، ثم لا يرحمونهم مع ذلك].
قوله: ﴿وَمَا نَقَمُواْ﴾، العامة، على فتح القاف.
وزيدُ بن عليٍّ، وأبو حيوة، وابن أبي عبلة: بكسرها، والفصيح: الفتح. وقد تقدم ذلك في سورة «المائدة» و «براءة».
والمعنى: ما نقم الملك وأصحابه من الذين حرَّقوهم ﴿إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ﴾ إلاَّ أن صدقوا بالله؛ كقوله: [الطويل]

٥١٥٥ - ولا عَيْبَ فِيهَا غَيْرَ شُكلةِ عَيْنهَا كَذاكَ عِتاقُ الطَّيْرِ شُكلٌ عُيونُهَا
وكقول ابن الرقيَّات: [المنسرح]
٥١٥٦ - ما نَقَمُوا من بَنِي أميَّة إلْ لا أنَّهُم يَحْلمُونَ إنْ غَضِبُوا
يعني أنهم جعلوا أحسن الأشياء قبيحاً وتقدم الكلام على محل «أن» أيضاً في سورة «المائدة».
وقوله تعالى: ﴿أَن يُؤْمِنُواْ﴾ أتى بالفعل المستقبل تنبيهاً على أنَّ التعذيب إنما كان لأجل إيمانهم في المستقبل، ولو كفروا في المستقبل لم يعذبوا على ما مضى من الإيمان، فكأنه قيل: أن يدوموا على إيمانهم، و «العَزِيز» هو الغالب المنيع، «الحميد» : المحمود في كل حال.


الصفحة التالية
Icon