قال شهابُ الدين: وعلى قول الزمخشري المتقدم لا يلزم أن يكون منقطعاً، إذ المراد نفي الشيء بدليله أي: إن كان لهم طعام، فليس إلا هذا الذي لا يعده أحد طعاماً، ومثله: ليس له ظل إلا الشمس وقد مضى تحقيق هذا عند قوله تعالى: ﴿لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى﴾ [الدخان: ٥٦] وقوله: [الطويل]
٥١٨٤ - ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ........................................
ومثله كثير.

فصل في المراد بالآية


المعنى: أن طعامهم ليس من جنس طعام الإنس؛ لأنه نوع من أنواع الشوك، والشوك مما ترعاه الإبلُ، وهذا النوع مما تنفر عنه الإبل، فإذن منفعة الغذاء منتفية عنه، وهما: إماطة الجوع، وإفادة القوة والسمن في البدن أو يكون المعنى: ليس لهم طعام أصلاً؛ لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلاً عن الإنسان، لأن الطعام ما أشبع أو أسمن.
قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية، قال المشركون: إن إبلنا لتسمن بالضريع، فنزلت: ﴿لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ﴾ وكذا فإن الإبل ترعاه رطباً، فإذا يبس لم تأكله.
وقيل: اشتبه عليهم أمره، فظنوه كغيره من النَّبتِ النافع؛ لأن المضارعة المشابهة، فوجدوه لا يسمن ولا يغني من جوع، فيكون المعنى: أن طعامهم من ضريعٍ لا يسمن من جنس ضريعكم، إنما هو من ضريع غير مسمن، ولا مغن من جوع.
قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ﴾. أي: ذات نعمة، وهي وجوه المؤمنين، نعمت بما عاينت من عاقبة أمرها.
وقيل: ذات بهجة وحسن، لقوله تعالى: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم﴾ [المطففين: ٢٤]، أي: متنعمة «لِسَعْيهَا»، أي: لعملها الذي عملته في الدنيا «راضيةٌ» في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها، وفيها واو مضمرة، والتقدير: ووجوه يومئذ، ليفصل بينها، وبين الوجوه المتقدمة، والوجوه عبارة عن الأنفس.


الصفحة التالية
Icon