أرم» وفاعل «أرم» ضمير يعود على الله - تعالى -، أي: أرمها الله، ويكون: «أرم» بدلاً من: «فعَل ربُّك» وتبييناً له.
وقرأ ابنُ الزُّبيرِ: «بعادِ أرمَ» بإضافة: «عاد» إلى: «أرمِ» مفتوح الهمزة مكسور الراء، وقد تقدم أنه اسم مدينة.
وقرأ: «إرمَ ذَات»، بإضافة: «إرم» إلى: «ذات».
وروي عن مجاهدٍ: «أرَم» يعني: بفتحتين، مصدر «أرَمَ، يَأرم»، أي: هلك، فعلى هذا يكون منصوباً ب: «فَعَلَ ربُّك» نصب المصدر التشبيهي، والتقدير: كيف أهلك ربك عاداً إهلاك ذات العماد؟ وهذا أغرب الأقوال.
و «ذَاتِ العمادِ» : إن كان صفة لقبيلة، فمعناه: أنهم أصحاب خيام لها أعمدة يظعنون بها، أو هو كناية عن طول أبدانهم [كقولهم: رفيع العماد طويل النجاد قاله ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما]، وإن كان صفة للمدينة، فمعناه: أنها ذات عُمُد من الحجارة.
قوله: ﴿التي لَمْ يُخْلَقْ﴾ : يجوز أن يكون: تابعاً، وأن يكون: مقطوعاً، رفعاً ونصباً.
والعامة على: «يُخْلَق» مبنياً للمفعول، «مِثْلُهَا» مرفوع على ما لم يسم فاعله.
وعن ابن الزُّبيرِ: «يَخْلقُ» مبنياً للفاعل، «مِثْلها» منصوب به، وعنه أيضاً: «نَخْلقُ» بنون العظمة.
فصل في الكلام على إرم وعاد
قال القرطبيُّ: من لم يضف جعل «إرم» : اسم «عاد»، ولم يصرفه؛ لأنه جعل «عاداً» اسم أبيهم، و «إرم» : اسم القبيلة، وجعله بدلاً منه، أو عطف بيان.
ومن قرأه بالإضافة ولم يصرفه جعله اسم أمهم، أو اسم بلدتهم، وتقديره: بعادٍ أهل إرمَ، كقوله: ﴿وَسْأَلِ القرية﴾ [يوسف: ٨٢]، ولم تنصرف - قبيلة كانت، أو أرضاً - للتعريف والتأنيث.
والإرم: العلم، أي: بعاد أهل ذات العلم، والخطاب للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والمراد عام، وكان أمر عاد وثمود عندهم مشهوراً، إذا كانوا في بلاد العرب، وحجر ثمود موجود اليوم، وأمر فرعون يسمعونه من جيرانهم من أهل الكتاب، واستفاضت به الأخبار، وبلاد فرعون متصلة بأرض العرب.