رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.
وقال أبُو سعيدٍ الخدريُّ: «لما نزلت: ﴿وجياء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ تغير لون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وعرف في وجهه، حتى اشتد على أصحابه، ثم قال: أقْرأنِي جِبْريلُ: ﴿كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً﴾، - الآية - ﴿وجياء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾، قال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: قلت: يا رسول الله، كيف يجاءُ بها؟ قال:» يُؤْتَى بِهَا تُقَادُ بِسبعِينَ ألْف زمامٍ، يَقُودُ بكُلِّ زمَامٍ سَبعُونَ ألْف ملكٍ، فتشْردُ شَرْدَةً لو تُرِكَتْ لأحْرقَتْ أهْلَ الجَمْعِ، ثُمَّ تعْرضُ لِي جهنَّمُ، فتقول: مَا لِي ولَكَ يا مُحَمَّدُ، إنَّ الله قَدْ حَرَّمَ لحْمَكَ عليَّ، فلا يَبْقَى أحَدٌ إلاَّ قال: نَفْسِي نَفْسِي، إلاَّ محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فإنَّه يقُولُ: ربِّ أمَّتِي، ربِّ أمَّتِي «.
قال ابن الخطيب: قال الأصوليون: معلوم أنَّ جهنَّم لا تنقل من مكانها، ومعنى مجيئها: برزت وظهرت حتى يراها الخلق، ويعلم الكافر أنَّ مصيره إليها.
قوله: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان﴾. تقدم الكلام في إعراب:»
يومئذ «، والمعنى: يتَّعظُ الكافرُ، ويتوب من همته بالدُّنيا وقيل: يتذكر أن ذلك كان ضلالاً.
﴿وأنى لَهُ الذكرى﴾ أي: ومن أين له الاتِّعاظٌُ والتوبة، وقد فرط فيها الدنيا.
وقيل: ومن أين له منفعة الذِّكرى، فلا بُدُّ من تقدير حذفِ المضاف، وإلاَّ فبين»
يومئذٍ يَتذكَّر «وبين:» وأنَّى لهُ الذِّكْرى «تناف. قاله الزمخشري.
قوله:»
وأنَّى «خبر مقدم، و» الذكرى «: مبتدأ مؤخر، و» له «متعلق بما تعلق به الظرف.
قوله: ﴿يَقُولُ ياليتني قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾، أي: في حياتي، فاللام بمعنى»
في «.
وقيل: أي: قدمت عملاً صالحاً أي لحياة لا موت فيها.
وقيل: حياة أهل النار ليست هنيئة، فكأنهم لا حياة لهم، فالمعنى: يا ليتني قدمت من الخير لنجاتي من النار، فأكون ممن له حياة هنيئة.

فصل في شبهة للمعتزلة والرد عليها


استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن الاختيار كان في أيديهم وقصدهم، وأنَّهم ما كانوا محجوزين عن الطَّاعات، مجبرين على المعاصي.
والجواب: أن فعلهم كان معلقاً بقصد الله - تعالى - فبطل قولهم.
قوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon