وقيل: المعنى: لا يكل عذابه، ولا وثاقه لأحد؛ لأن الأمر لله - تعالى - وحده في ذلك.
وقيل: المعنى: أنه في الشدة، والفظاعة، في حين لم يعذب أحد في الدنيا مثله.
ورد هذا، بأن «لا»، إذا دخلت على المضارع صيرته مستقبلاً، وإذا كان مستقبلاً لم يطابق هذا المعنى، ولا يطلق على الماضي إلاَّ بمجازٍ بعيد، وبأن يومئذ المراد به يوم القيامة، لا دار الدُّنيا.
وقيل: المعنى: أنه لا يعذب أحد في الدنيا، مثل عذاب الله الكافر فيها، إلا أن هذا مردود بما ورد قبله.
ويحتمل عوده على الإنسان، بمعنى: لا يعذب أحد من زبانية العذاب، مثل ما يعذبون هذا الكافر، ويكون المعنى: لا يحمل أحد عذاب الإنسان، لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ [الأنعام: ١٦٤]، وهذه الأوجه صعبة المرام على طالبها من غير هذا الكتاب.
وقرأ نافع في رواية، وأبو جعفر وشيبة، بخلاف عنهما: «وثاقه» بكسر الواو.
والمراد بهذا الكافر المعذب، قيل: إبليس - لعنه الله -؛ لأنه أشد الناس عذاباً.
وقال الفراء: هو أمية بن خلف.
قوله
: ﴿ياأيتها
النفس المطمئنة﴾
.
قرأ العامة: «يا أيَّتُها النَّفسُ» بتاء التأنيث.
وقرأ زيد بن علي: «يا أيُّهَا»، كنداء المذكر، ولم يجوز ذلك أحد، إلا صاحب البديع، وهذه شاهدة له، وله وجه: وهو أنها كما لم تطابق صفتها تثنية وجمعاً، جاز ألاَّ يطابقها تأنيثاً، تقول: يا أيها الرجلان، يا أيها الرجل.

فصل في الكلام على الآية


لما وصف حال من اطمأن إلى الدُّنيا، وصف حال من اطمأنَّ إلى معرفته وعبوديته، وسلم أمره إلى الله - تعالى -.
وقيل: هذا كلام الباري تعالى، إكراماً له كما كلَّم موسى عليه السلام.


الصفحة التالية
Icon