تقديره: هلاَّ أقتحم العقبة، تقول: هلا أنفق ماله في فك الرقاب، وإطعام السغبان، فيكون خيراً له من إنفاقه في عداوة محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ.
فصل في الفرق بين الفك والرق
الفكّ: التفريق، ومنه فكُّ القيد وفكُّ الرقبة، فرق بينها وبين صفة الرق بإيجاد الحرفة، وإبطال العبودية، ومنه فكُّ الرهن، وهو إزالته عن المرتهن، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أيُّمَا امرئٍ مُسْلمٍ أعتقَ امْرءاً مُسْلِمَاً كَانَ فِكاكَه مِنَ النَّارِ يَجرِي على كُلِّ عَضوٍ مِنهُ عُضواً مِنهُ»
الحديث.
وسمي المرقوق رقبة؛ لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته، وسمي عتقها فكَّا كفك الأسير من الأسْر؛ قال: [البسيط]
٥٢١٤ - كَمْ مِنْ أسِيرٍ فَكَكنَاهُ بِلاَ ثَمَنٍ | وجَرِّ نَاصِيةٍ كُنَّا مَواليهَا |
فص في أن العتق أفضل من الصدقة
قال أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: العِتْقُ أفضل من الصدقة، وعند صاحبيه الصدقة أفضل، والآية أدلّ على قول أبي حنيفة، لتقديم العتق على الصدقة.
قوله: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾، أي: مجاعة، والسَّغبُ: الجوع، والسَّاغبُ: الجائع.
قال شهابُ الدِّين: والمسغبةُ: الجوع مع التعب، وربما قيل في العطش مع التعب.
قال الراغب: يقال سغَبَ الرجل يسغبُ سغباً وسغوباً فهو ساغبٌ، وسغبان، والمسغبةُ: مفعل منه.
وأنشد أبو عبيدة: [الطويل]
٥٢١٥ - فَلَوْ كُنْت جاراً يَا بْنَ قَيْسٍ بن عاصمٍ | لمَا بتَّ شَبْعَاناً وجاركَ سَاغِبا |