العذاب الذي جاءها الطغوى، لأنه طغى عليهم. قال ابن الخطيب: وهذا لا يبعد لأن الطغيان مجاوزة [الحد فسمي عذابهم طغوا لأنه كالصيحة مجاوزة] للقدر المعتاد.
والثالث: أنها للسببية، أي: بسبب طغيانها، وهو خروجها عن الحدّ في العصيان قاله مجاهد وقتادة وغيرهما.
وقال محمد بن كعب: بأجمعها.
وقيل: مصدر، وخرج على هذا المخرج، لأنه أشكل برءوس الآي.
وقيل: إن الأصل «بطُغيانِهَا» إلا أن «فُعلَى» إذا كانت من ذوات الياء أبدلت في الاسم واو ليفصل بين الاسم والوصف.
وقرأ العامة: «بطغواها» بفتح الطاء، وهو مصدر بمعنى الطغيان، وإنما قلبت الياء واواً لما تقدم، من الفرق بين الاسم والصفة، يعني أنهم يقرون ياء «فَعْلى» - بالفتح - صفة، نحو جريا، وصديا، ويقلبونها في الاسم، نحو «تَقْوى، وشَرْوى»، وكان الإقرار في الوصف، لأنه أثقل من الاسم والياء أخف من الواو، فلذلك جعلت في الأثقل.
وقرأ الحسن ومحمد بن كعب والجحدري، وحماد: بضم الطاء، وهو أيضاً مصدر، كالرُّجعى والحسنى، إلا أن هذا شاذ، إذ كان من حقه بقاء الياء على حالها، كالسُّقيا، وبابها، وهذا كله عند من يقول: «طغيت طغياناً» بالياء، فأما من يقول: «طغوت» بالواو فالواو أصل عنده. قاله أبو البقاء، وقد تقدم الكلام على اللغتين في البقرة.
قوله: ﴿إِذِ انبعث أَشْقَاهَا﴾. يجوز في «إذ» وجهان:
أحدهما: أن تكون ظرفاً ل «كذبت».
والثاني: أن تكون ظرفاً للطغوى.
و «انبعثت» مطاوع بعثت فلاناً على الأمر فانبعث له، و «أشْقَاهَا» فاعل «انبعَثَ» أي: نهض، والانبعاث: الإسراع، وفيه وجهان:
أحدهما: ان يراد به شخص معين، روي أن اسمه: قدار بن سالف.