قوله: ﴿فَسَوَّاهَا﴾. الضمير المنصوب يجوز عوده على «ثمود» باعتبار القبيلة كما أعاده في قوله تعالى ﴿بِطَغْوَاهَآ﴾ ويجوز عوده على «الدمدمة» والعقوبة أي: سواها بينهم، فلم يفلت منهم أحد.
قوله: ﴿وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾. قرأ نافع وابن عامر: «فَلاَ» بالفاء، والباقون: بالواو، ورسمت في مصاحف المدينة والشام بالفاء، وفي غيرها بالواو، فقد قرأ كل بما يوافق رسم مصحفه.
وروي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يقرأ: ولم يخف، وهي مؤيدة لقراءة الواو. ذكره الزمخشري.
فالفاء تقتضي التعقيب، وهو ظاهر، والواو يجوز أن تكون للحال، وأن تكون لاستئناف الإخبار.
قال القرطبي: روي أن ابن وهب وابن القاسم قالا: أخرج إلينا مالك مصحفاً لجده، وزعم أنه كتبه في أيام عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - حين كتب المصاحف، وفيه: «ولاَ يَخافُ» بالواو وكذا هي في مصاحف أهل مكة والعراق: بالواو، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم.
وضمير الفاعل في «يَخَافُ» الأظهر عوده على الرب تبارك وتعالى، لأنه أقرب مذكور، وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد، والهاء في «عُقْبَاهَا» ترجع إلى الفعلة، وذلك لأنه تعالى يفعل ذلك بحق، وكل من فعل فعلاً بحق فإنه لا يخاف عاقبة فعله.
وقيل: المراد تحقيق ذلك الفعل والله تعالى أجل من أن يوصف بذلك.
وقيل: المعنى أنه بالغ في الإعذار إليهم مبالغة من لا يخاف عاقبة عذابهم.
وقيل: يرجع إلى رسول الله، أي: لا يخاف صالح - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - عقبى هذه العقوبة لإنذاره إياهم، ونجاه الله حين أهلكهم.
وقال السديُّ والضحاك والكلبي: إن الضمير يرجع إلى «أشْقَاهَا»، أي: انبعث لعقرها والحال أنه غير خائف عاقبة هذه الفعلة الشنعاء، وهو مروي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أيضاً.
في الكلام تقديم وتأخير: إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها، وعقبى الشيء: خاتمته.
وروى الثعلبي عن أبيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ قَرَأ ﴿والشمس وَضُحَاهَا﴾ فكَأَنَّمَا تصدَّق بِكُلِّ شيءٍ طَلعتْ عليْهِ الشَّمْسُ والقَمرُ».


الصفحة التالية
Icon