يعملوا بطاعتي، وهو معنى الإضلال، ورد المعتزلة هذا التأويل بقوله تعالى: ﴿وعلى الله قَصْدُ السبيل وَمِنْهَا جَآئِرٌ﴾ [النحل: ٩]، وتقدم جوابهم.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى﴾، أي: لنا كل ما في الدنيا، والآخرة، فلا يضرنا ترككم الاهتداء بهدانا، ولا يزيد في ملكنا اهتداؤكم بل نفع ذلك وضره عائدان عليكم، ولو شئنا لمنعناكم عن المعاصي لكن ذلك يخل بالتكليف، بل نمنعكم بالبيان والتعريف، والوعد والوعيد، ونكون نحن نملك الدارين، فليطلب منا سعادة الدارين؛ فالأول أوفق لقول المعتزلة، والثاني أوفق لقولنا.
وروى أبو صالح عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: ثواب الدنيا والآخرة، وهو كقوله تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدنيا فَعِندَ الله ثَوَابُ الدنيا والآخرة﴾ [النساء: ١٣٤] فمن طلبهما من غير مالكهما فقد أخطأ الطريق.
قوله: ﴿فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى﴾. قد تقدم في «البقرة» : أن البزي يشدد مثل هذه التاء، والتشديد فيها عسر لالتقاء الساكنين فيهما على غير حدهما، وهو نظير قوله تعالى: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ﴾ [النور: ١٥] وقد تقدم.
وقال أبو البقاء: يقرأ بكسر التنوين، وتشديد التاء، وقد ذكر وجهه في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخبيث﴾ [البقرة: ٢٦٧] انتهى. وهذه قراءة غريبة، ولكنها موافقة للقياس من حيث إنه لم يلتق فيها ساكنان وقد ذكر وجهه، أي الذي قاله في «البقرة»، ولا يفيد هنا شيئاً ألبتة فإنه قال هناك: «ويقرأ بتشديد التاء، وقبله ألف، وهو جمع بين ساكنين، وإنام سوغ ذلك المد الذي في الألف.
وقال ابنُ الزبير، وسفيان، وزيد بن علي، وطلحة، «تَتَلظَّى» بتاءين وهو الأصل.
قال القرطبي: «وهي قراءة عبد الله بن عمير ويحيى بن يعمر».
فصل في معنى الآية
المعنى: خوفتكم، وحذرتكم ناراً تلظى، أي: تلهّب، وتوقّد، وتوهّج، يقال: تلظت النار تلظياً، ومنه سميت جهنم: لظى.
قوله تعالى: ﴿لاَ يَصْلاَهَآ﴾، أي: لا يجد صلاها، وهو حرها ﴿إِلاَّ الأشقى﴾، أي: الشقي.