وأجاب الواحديُّ: بأن معنى «لا يَصْلاَهَا» : لا يلزمها، وهذه الملازمة لا تثبت إلا للكافر.
قوله: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى﴾، أي: يبعد عنها الأتقى، أي: التقي الخائف.
قال ابن عباس: وهو أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -، ثم وصف الأتقى، فقال سبحانه: ﴿الذى يُؤْتِي مَالَهُ يتزكى﴾ أي: يطلب أن يكون عند الله زاكياً، ولا يطلب بذلك رياء، ولا سمعةً بل يتصدق به مبتغياً به وجه الله.
قوله: «يَتَوكَّى». قرأ العامة: «يتزكّى» مضارع «تَزَكَّى».
والحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -: «يزكَّى» بإدغام الياء في الزاي، وفي هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها في موضع الحال من فاعل «يُؤتِي»، أي: يؤتيه متزكياً به.
والثاني: أنها لا موضع لها من الإعراب على أنها بدل من صلة «الَّذي»، ذكرهما الزمخشري.
قوله تعالى: ﴿وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى﴾، أي: ليس يتصدق ليجازى على نعمة بل يبتغي وجه ربه الأعلى، أي: المتعالي، و «تجزى» صفة ل «نِعْمَة»، أي: يجزى الإنسان، وإنَّما جيء به مضارعاً مبنياً للمفعول، لأجل الفواصل؛ إذ الأصل: يجزيها إياه أو يجزيه إياها.
قوله: ﴿إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ﴾. في نصب «إلاَّ ابتِغَاءَ» وجهان:
أحدهما: أنه مفعول له قال الزمخشري: «ويجوز أن يكون مفعولاً له على المعنى؛ لأن المعنى: لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه، لا لمكافأة نعمة». وهذا أخذه من قول الفراء، فإنه قال: ونصب على تأويل: ما أعطيتك ابتغاء جزائك، بل ابتغاء وجه الله تعالى.
والثاني: أنه منصوب على الاستثناء المنقطع، إذ لم يندرج تحت جنس «مِنْ نِعْمَةٍ» وهذه قراءة العامة، أعني: النصب، والمد.
وقرأ يحيى: برفعه ممدوداً على البدل من محل «نِعْمَةٍ» ؛ لأن محلها الرفع، إما على الفاعلية، وإما على الابتداء، و «من» مزيدة في الوجهين، والبدل لغة تميم؛ لأنهم يجرون المنقطع في غير الإيجاب مجرى المتصل، وأنشد الزمخشري بالوجهين: النصب؛ والبدل قول بشر بن أبي خازم: [البسيط]