فصل


دلت الآية على اللطف باليتيم وبره والإحسان إليه، قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أنا وكافل اليتيم كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى».
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ ضَمَّ يَتِيمَاً فَكَانَ فِي نَفَقَتِهِ وكفاهُ مؤنَتَهُ، كَانَ لَهُ حِجَابَاً مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ».
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ مَسَحَ برأسِ يَتِيمٍ كَانَ لَهُ بكُلِّ شَعْرةً حَسَنةٌ».

فصل


الحكمة في أن الله تعالى اختار لنبيه اليتم، أنه عرف حرارة اليتم، فيرفق باليتيم، وأيضاً ليشاركه في الاسم، فيكرمه لأجل ذلك، لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «إذَا سَمَّيْتُم الوَلَدَ مُحَمَّداً فأكْرِمُوهُ ووسِّعُوا لَهُ فِي المَجْلسِ» وأيضاً ليعتمد من أول عمره على الله تعالى، فيشبه إبراهيم - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - في قوله: «حَسْبي مِنْ سُؤالِي، علمهُ بِحَالِي».
وأيضاً فالغالب أن اليتيم تظهر عيوبه فلما لم يجدوا فيه عيباً، لم يجدوا فيه مطعناً.
وأيضاً جعله يتيماً، ليعلم كل أحد فضيلته ابتداء من الله تعالى، لا من التعليم، لأن من له أب فإن أباه يعلمه، ويؤدبه.
وأيضاً فاليتم والفقر نقص في العادة، فكونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مع هذين الوصفين من أكرم الخلق كان ذلك قلباً للعادة، فكان معجزة ظاهرة.
قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا السآئل فَلاَ تَنْهَرْ﴾، أي: فلا تزجره، يقال: نهره، وانتهره إذا زجره، وأغلظ له في القول، ولكن يرده ردَّا جميلاً.
[قال إبراهيم بن أدهم: نعم القوم السؤال، يحملون زادنا إلى الآخرة. وقال إبراهيم النخعي: السائل يريد الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول: هل تبعثون إلى أهليكم بشيء.
وقيل: المراد بالسائل الذي يسأل عن الدين].
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «سَألتُ ربِّي مَسْألةً ودِدْتُ أنِّي لَمْ أسْألْهَا، قُلْتُ: يَا ربِّ، اتَّخذتَ إبْراهِيمَ خَلِيلاً، وكلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيماً، وسخَّرتَ مَع دَاوُدَ الجِبالَ يُسَبِّحْنَ،


الصفحة التالية
Icon